الأحد، 30 يونيو 2024

ڨيديو: قراءة في محاورة جورجياس لأفلاطون البلاغة وقيمتها الأخلاقية والسياسية



تعتبر محاورة جورجياس من أجمل وأروع كتابات أفلاطون، وهي بحق جوهرة تاج أعماله الفلسفية؛ لما تقدمه من أفكار عظيمة وملهمة تتجاوز حدود الزمن. 

في هذه المحاورة، يجري سقراط حوارًا مع السفسطائي جورجياس وأتباعه، مستكشفًا طبيعة البيان وعلاقته بالحقيقة والعدالة. متحديًا ورافضًا الفكرة القائلة بأن البلاغة يمكن أن تكون بقوة تأثيرها أداة للهيمنة والسّيطرة بغض النظر عن العدل والحقيقة، بل ويطرح بدلًا من ذلك رؤية للفلسفة باعتبارها بحثًا صادقًا ومخلصًا عن الحقيقة والفضيلة. 

إن هذه المحاورة ليست مجرد نص فلسفي، بل هي دعوة للتفكر والتأمل في القيم التي ينبغي أن نسترشد بها نحو تحقيق الخير في أقوالنا وأعمالنا، كما أنها مثالٌ بديع يعكس عبقرية أفلاطون في تناول القضايا الفلسفية الكبرى بأسلوب حواري مشوق ومؤثر.

الثلاثاء، 21 مايو 2024

وردًا وحبًا


أَيُّ زمانٍ يحتَضِنُ حُضورك؟
وكُلَّما مَسّت ملامحكَ مدن الذَّاكرة، أَزْهَرَت أروقتها وردًا وحُبًا. 
وانساب المداد لِيَخُطَّ سطرًا جديدًا من حكايةٍ لا نهائِيَّة الجمال، تَصِفُ فيها اللَّحظة الآنيَّة لهفتها وحَيْرَتَها بين زمانك العابِق بتذكارات الحنين، وَآخَرَ يَتَطَلَّعُ نحو مستقبلٍ يَشْتَقُّ مَعَالمه من أحلامك وآمالك.
أي كتابة تحتويك؟!
وكلّما شَرَعْتُ في ذلك، تفرّعت وتَشَعَّبتْ بين يدي الشّوق المشاعر والأفكار، وتَعَمّقَ الإحساس أكثر في رمزِيَّتهِ الفريدة ساعيًا إلى وعد الفرح الذي تحقّق مشهدًا بإشراقة مُحَيَّاك أمام العين!.
والحقيقة.. 
أن لا شيء يكافئ تلك الثقة التي أستمدُّها دومًا من عينيك.
وأنت من قَرَأََ صفحات القلبِ آلافَ المَرَّات، عزيزًا وحرًا في ثناياه. تُشْكِّلُ وَتُرَتِّبُ بروحِكَ البديعَة كُلّ رَسْمٍ ومعنى، كما تُحِبّ، وَكَيْفما تَشَاء.

الأحد، 18 فبراير 2024

عندما يكون الأمل ميلادًا

 


أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا يرتقي بها إلى تفرّد الفكر والوجدان..
فإن هذا هو تمامًا ما يعنيه الأمل. 
وعندما يكون ذات الشعور - أي الأمل- شاهدًا على قوة الإرادة في أوقات التخلي والتّحوّل.
وسندًا حقيقيًا يضفي على قيمة الحياة المعنى والثّبات، حتَّى في أصعب الظروف والمواقف. 
فإنّه بتفاعلاته العميقة تلك..
واّلتي تتشكل وتتأثر بظروف التصورات الذاتية والخبرات الشخصية. 
يكون قد تَخَطَّى الوصف السّطحي العابر، إلى اعتباره جزءًا أساسيًا من الوجود، له أبعاده المتشعبة وامتداداته المُتَجَذِّرَة في أعماق النّفس الانسانية. 
وحين يتجلى الأمل كقوَّةٍ مُلْهِمَة ومُحَفِّزِة، فتبعث في القلوب المتعبة القناعة بأن للنهايات الفاترة أُفُقًا رَحبًا آخر لم ينكشف بعد..
فإنه يُمْكِنُ بكل بساطة لمواجهةٍ صادقةٍ وصريحةٍ مع الذَّات أَنْ تُثْمِرَ بدايةٍ جديدةٍ أكثر عمقًا وتصَالحِيَّة.
لذا أتمسّك بالأمل، وأنادي به في يقظة الإحساس، شمسًا واثقة أُتَغَلَّبُ بها على تداعيات الزمن وظلاله اللاواعية، وعلى كلّ ما أزعجني، وآلمني، ولم أقوَ على احتماله وحدي..
أَتَمَسَّكُ بالأمل لأَنَّ هناك دائمًا ما يَسْتَلْزِمُ تَهْيِئَةَ اَلْقَلْبِ لِحُضُورِهِ عندما يَأْتِي بما تَبَقَّى بعد طرح الخيبات من مجموع التّوقُّعات.
ولأَنَّه أَحد أبوابِ الوعي الأَكثرِ عقلانِيَّة، وخُلاصة الحكمة والواقعيَّة الَّتي تُقَدِّمُها التَّجارِب.
ولأَنَّ الحبّ، ما زال يَكبُرُ ويَتَعَاظَمُ ويزدَادُ ثباتًا وتشبُّثًا بقلبي.
مِثْل مِرآةٍ عملاقةٍ مُثَبَّتَة على مسرح العاطفة، تُدرِكَ بها الرُّوح حقيقتها، ومكامن الجمال فيها.
والَّذي لولاه ما شعرتْ بكلِّ هذا الحنين إلى وَقْتٍ مَضَى، أو التَّوْق إِلى آخر آت...
فأي فكرةٍ واعيةٍ كالأمل تستطيع أن تملأ قلبي بالشّجاعة والرِّضا، عندما أكون فعلًا غير آبِهةٍ بِأَوَانِ الأمنيات، وانشغالِها عنِّي بمواقيتها الغامضة.!؟
وقد أدركت أَنَّ الأحلام حتَّى لو أَخَذَت طابعًا سُكُونِيًّا، أَو كانت مُهَمَّشَةً بتأثير تفاصيل حياتي اليوميَّة، وقائمة أَولويَّاتٍ مُتَغَيِّرةٍ حسب الظُّروف والأحوال، فإِنَّها ستظلُّ حيَّةً في أعماقي..
فالأمل مهما كان بَسِيطًا أو نِسْبِيًّا.
ليس ذلك الوهم اللَّذيذ المُتَمَرِّدِ على نَكَهَاتِ الأَمر الواقع.
ولا يَعنِي بالتَّأكيد حال الضَّياعِ الحِسِّيِّ في تلك العتمة المسكوبة في كَأْسِ الحيادِ.
بَلْ هو اندِماجٌ بين زمَنَيْنِ في وحدةٍ شعورِيَّة تُنسِجُ عمرًا وحيَاة.
وانْتِبَاهٌ أَنِيق لكُلِّ ما يجعلني أكثر انتِمَاءً وَقُربًا لحقائق وجودي وَجوهر إِنسانِيَّتِي. 💖🌹

الأربعاء، 13 ديسمبر 2023

ليست حربًا

 


ليست حربًا تلكَ اَلَّتِي يَتَسَاقَطُ فِيهَا اَلْأَطْفَال، كأَوراقِ اَلْخَرِيفِ، عَلَى أَكْتَاف اَلْآبَاء والأُمَّهات.

ليست من هذا الكونِ كُلَّ اَلطُّرُقِ التي مَشَى عليها اَلْكِبَارُ في جِنَازَاتِ الصِّغار.

ليس نبضًا حُرًّا ، ولا حتَّى مُعَالَجَةً إِنْسَانِيَّة.. أن يغدو اَلْحُزْنُ الَّذي وُلِدَ كَبِيرًا بِحَجْمٍ يَفُوقُ طَاقَةَ اَلصَّمْتِ فِي كُلِّ ضَمِيرٍ هَامِشًا مِنْ اَلْقَلَقِ.

ليس عدلاً أَن يَسْتَبِدَّ اَلظُّلْمُ بِسَاحَاتِ اَلْكَلَامِ لِتَبْرِيرِ أَفعَالِهِ اَلْوَحشِيَّةِ بِأَجْسَادِ وَأَرْوَاحِ اَلْأَبْرِيَاء، كَمَا يُشَوِّهُ اَلْكَذِبُ اَلْمُؤَدلَجُ بِأَلْوَانِ اَلْإِجْرَامِ وَجْهَ اَلْحَقِيقَة.

ليس مَشْهَدًا عَادِيًّا..بلْ تَارِيخيًا، سَيُكْتَبُ وَيُدَرّسُ لِإِنْسَانِيَّةٍ أَرْقَى وَأَسْمَى..
أَنْ يَحْمِلَ اَلْأَطْفَالُ ثِقْلَ اَلدَّمَارِ كَأَحلَامِهِمْ اَلْمَفْقُودَةِ ، وحقوقهُم الْمُسْتَبَاحَة.

هُناك.... على عَتَبَاتِ اَلْفَهْم، حَيثُ يَرْزَحُ يَوْمُهُمْ الطُّفُولِيُّ تَحتَ ثِقْلِ حُمَمِ اَلْحِقْدِ وَالْعَدَاء..
بَيْنَ أَلَمِ اَلْجُوعِ وَرَعَشَاتِ اَلْبَردِ وَالْخَوْفِ، 
وَمَرَارَةِ اَلْفَقْدِ ، وَقَسْوَةِ اَلْحِرمَان..
حين تَنْعَكِسُ فِي بَرَاءَةِ عُيُونِهِمْ اَلذَّاهِلَةِ 
وَالدَّامِعَةِ أَطْيَافُ أَلْعَابِهِمْ اَلْمَدْفُونَةِ في اَلرُّكَام.
بَيْنَمَا تنظر قُلُوبُهُمْ اَلصَّغِيرَةُ إلى اسْتِحْقَاقَاتٍ كثيرة...
تَجْعَلُ مِنْ حَاضِرِهِم أَبواب عَدَالَةٍ وَنَصْرٍ وَحُرِّيَّة..
اللّه كبير.... 

الأربعاء، 29 نوفمبر 2023

الوعي: شأن فلسفي مستمر

 


لا يمكن البدء بالممارسة الواقعية لمفهوم ما، قبل البحث في خصائصه الجوهرية، وصقله بالحوار والنقاش؛ وذلك ليظل بسيطًا، واضحًا، ومحددًا، وللتوصل أخيرًا إلى تعريف مشترك.

وهذا بلا شكّ مطلبٌ تاريخيّ للوعي، وهو شأن فلسفي مستمر ومتجدد..

وبالفهم يثبت العقل معنى وجوده، بداية، تعمل الحواس كوسيلة اتصال بين الإنسان وبيئته الخارجية، وذلك عبر إشارات عصبية، وتيارات لا نهائية من المعلومات يقوم الدماغ بتحليلها معتمدًا على مخزون الذاكرة من المفاهيم، والخبرات، والمشاعر؛ لتشكيل أفكار جديدة، واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على المعلومات التي تم تحليلها.

واستنادًا إلى ما نراه، ونشعر به، ونعيشه، فإنّ المفاهيم الملموسة هي نتيجة تفاعلنا مع العالم من حولنا، عندما نقوم بتكوين أفكار حول الأشياء المادية والأفعال والأحداث التي أدركناها بحواسنا واختبرناها بالتجربة.. 

أمّا أصدق تعبير عن طاقة المعرفة الكامنة في عقولنا..

والتي تتطلب مستويات أعمق من التفكير والتأمل والثقافة لاستكشاف أبعادها ومعانيها.. 

فهي المفاهيم المجردة..

تلك التي تشير إلى أفكار أو صفات أو كيانات ليس لها تمثيل مباشر في العالم المادي. 

فإذا تأملنا أيًا من هذه المفاهيم المجردة: الحقيقة، العدالة، الحب، الصداقة، الحرية، السعادة. 

سنجد أنها تعتمد بشكل كبير على القيم والمعتقدات الفردية والمجتمعية. 

فالرموز والوسائل التي يتمّ استخدامها للتعبير عنها تكون مختلفة بين الأفراد، والثقافات، والسياقات.

ولأن فهمنا للمفاهيم المجردة يعتمد إلى حد كبير على اللغة، نجد أنه حتى نفس المفهوم يمكن أن تتم معالجته بشكل مختلف في ذهن الفرد اعتمادًا على ما إذا كان التفسير مجازيًا أم حرفيًا للكلمة. 

وأكثر ما تتضح تلك الاختلافات والتباينات، عندما نقوم باستدعاء وتنشيط العناصر الملموسة المرتبطة بها.

ذلك أنّ المفهوم المجرد وإن كان بلا مرجع مادي يمكن تحديده، إلا أنّه يرتبط بالعديد من المفاهيم، أو العناصر المرئية والمحسوسة التي تساعدنا وتسهل علينا استيعابه، وتذكره، وتطبيقه..

على سبيل المثال: يمكن أن يرتبط المفهوم المجرد للحب في ذهن شخص ما بصورة، أو موقف يحمل معاني ومشاعر معينة، أو ذكرى خاصة.

بينما قد تكون العناصر الملموسة لمفهوم الحب من وجهة نظر شخص آخر مرتبطة بتصرفات محددة كالإهتمام والرعاية .. 

فالأمر الطبيعي إذًا هنا، هو اختلاف العقول في كيفية الاستجابة للمفهوم، والتفاعل معه. 

بينما يجب أن ندرك أن هذه العلاقة ليست ثنائية بسيطة. فالمفهوم لا يكون مجردًا تمامًا أو ملموسًا بالكامل، بل تتنوع درجات التجريد والواقعية بين الأقل والأكثر.

بشكل أكثر تحديدًا : هناك المفاهيم أو الأفكار التي تتعلق بالمؤسسات والهياكل التنظيمية في المجتمع، حيث إن التمثيل المؤسسي للمفاهيم المجردة يمكن أن يساهم في تحقيقها على أرض الواقع من خلال مفاهيم مؤسسية جديدة مشابهة لها داخل النظام القانوني والسياسي والاجتماعي بشكل يعكس توازنًا دقيقاً بين التجريد والواقعية. 

على سبيل المثال: دور مفاهيم "العدالة" و "الواجب" و "العدل" وهي مفاهيم أخلاقية مجردة، في تشريع القوانين وتوجيهها لتحقيق المساواة في المجتمعات، وضمان حقوق الأفراد...

وكذلك تتطلب الأشياء المادية المحسوسة مستوىً معينًا من التجريد؛ لتمثيلها كمفاهيم مرتبطة بها، كما تحتاج التجارب الحسية إلى التصورات المجردة، ومن ثم اخضاعها للتحليل والنقد حتى يتسنى لنا فهمها بشكل أعمق..

المفاهيم عبارة عن تصنيفات، أو فئات تلخص وتبسط وتنظم المعلومات بشكل يسهل العمليات الذهنية، ويعزز التواصل مع العالم الحقيقي وهي قابلة للتعديل بمرونة حسب ما يقتضيه السياق، وتفرضه ظروف التجربة. 

وقد يحدث أن العقل قد يعي المفهوم المجرد..

لكن لا يتسنى له فهمه بالكامل حتى يتم وضعه في سياق تطبيقي عملي.

أي العيش، والتواصل، والتفاعل اليومي مع محيطه وواقعه من خلاله؛ في حالة توافقية تحفظ التوازن بين الفهم النظري لتلك الصور الذهنية المجردة التي تمثل فكرة أو معنى معين..

وبين زخم تفاعلاتها على أرض الواقع والتي تمنح الإنسان بحركتها وتغيراتها المستمرة النضج والخبرة.

وسواء كانت التجربة فكرية أو عملية، فإنها رغم صخب حياتنا اليومية المختزل فيها، وكثرة التفاصيل والألوان والتوجهات، والتي بحكم التنوع لا بدّ أنها ستكون متشعبة وشديدة التعقيد، إلا أنّها تجعل المفهوم بما تكسبه إياه من أبعاد جديدة أكثر فاعلية واستمرارية..

وتسهم في ارتقاء وعي الإنسان،  وتعطيه فهمًا أكثر موضوعية، وتعينه على الوصول إلى تفهُّمٍ أعمق لوجهات النظر، وحقائق الأمور...

الأحد، 26 نوفمبر 2023

في القوة الروحية



واقعيًا: رغم أن العدالة لم تتحقق يومًا بشكل مثالي ودائم، أي بشكل يرضي ويلبي توقعات الجميع، إلا أن المطالبة بحضورها الملموس في الواقع سيظل جوهرًا أخلاقيًا أساسيًا لن تتوقف البشرية عن السعي نحو تحقيقه، ومع زخم التحديات، واختلاف الظروف والسياقات، وشح التفاهمات، وطغيان فذلكات البيان، وتقنيات البروباغندا، فإن كل خطوة على ذلك الطريق تنبثق كمعركة وعي أكثر من كونها مجرد حال حركة وتغيير، أو تقدم إلى الأمام. 

سياسيًا: هناك خلل هائل، مرعب، في السياق.

خصوصًا عندما تبدو النقاط في الصورة على غير حقيقتها، والخطوط متغيرة ومعقدة، 

وبالتالي أن تكون زاوية النظر من خلالها عادلة ومنصفة هو أمرُ أقرب للوهم والأمنيات، خصوصا عندما تسود المصالح الاقتصادية والسياسية، وتتحكم غطرسة الهندسة العسكرية بتفاصيل ودقائق المشهد كما تشاء..

لكن إنسانيًا، أو في المنظور الإنساني السليم، حيث انتهت مظلومية الكثير من الشعوب بفضل وعيها بمكامن قوتها، وإيمانها اللامتناهي بحقوقها، وتفعيل ذلك واقعًا على الأرض. 

فإنّ كلّ النقاط محددة، وواضحة، ومكتفية بذاتها؛ لأنها من صميم جوهرنا وإنسانيتنا..

تلك هي تحديدًا "القوة الروحية"، العامل الثابت والحاسم والمهم في بقاء الأمل وتحقيقه..

السبت، 25 نوفمبر 2023

في وحدة الحياة والحرية


إن من يجسدون بأنفسهم التبعية والضعف في قبولهم العيش بناءً على نماذج الآخرين، ليسوا إلا مجرد ظلال لمن/ما يتبعونه على الإطلاق، أو دون تفكير. 

فإذا ما أمعنت النظر في حالهم ستجد أنهم لا يمتلكون أي علامة صدق قد تدل على وعي حرّ، أو شخصية مستقلة، ولن تجد مهما تعمقت ما يقنعك بجدوى البقاء معهم. 

بل ويحسبون في واقع افتقارهم لمرآة "معنى" ترتسم فيها ملامحهم الحقيقية، أنهم يحسنون صنعًا عندما يرددون كالبَبَّغاوات كلّ ما يطرق أوعية السمع لديهم، دون أدنى اكتراث بفناء أعمارهم في خضم تفاصيل مملة، مكررة، وبلا قيمة تذكرهم بحقائق ذواتهم، أو تحثهم على اعتناق مبدأ يواجهون به ظلم الدنيا.

اتركهم إذًا، ولا ترهق نفسك بشأن ما يحملون في رؤوسهم من تُّرَّهات الوهم، وتحيزات الطباع البليدة، فلا يمكن أن يتبع المرء طريقًا مخالفًا لصوت العقل والمنطق، دون أن يكون قد أعطى للألم والندم الكثير من فرص الوجود في حياته لاحقًا..

اتركهم، ولا تناقش فيهم، واحمل راية ضميرك الحيّ لتستقر شامخة هناك في صمت الجبال، وانهمر كالنّور في سلام الشّمس العائدة إلى جراح الحرية بعد غياب.

ڨيديو: قراءة في محاورة جورجياس لأفلاطون البلاغة وقيمتها الأخلاقية والسياسية

تعتبر محاورة جورجياس من أجمل وأروع كتابات أفلاطون، وهي بحق جوهرة تاج أعماله الفلسفية؛ لما تقدمه من أفكار عظيمة وملهمة تتجاوز حدود الزمن.  في...