الحنين: حاصل المعنى في الفكرة الباقية
الحنين ليس مجرد تذكُّرٍ لحظيّ... إنه حضورٌ خفيّ لكلِّ ما ظلَّ يؤنس قلبك. كنبضٍ يتردد في ثناياك يعيد إليك ما كنت تحسبه عابرًا، فإذا به اليوم أثمن ما استقرَّ في المعنى، وأصدق ما يناديك من الأعماق. هو امتلاءٌ يحاول عبثًا أن يتوارى في الفراغ. ذاك الذي يتسلل في فسحة الزمن، متجاوزًا كلَّ توقيت، فيسمو عن طين الأسماء، ويمتد حرًا كما الحقيقة الصافية، في الجوهر الخالص للمسميات، قبل أن يشدُّها تفسير الشكل إلى قيد الحسِّ والمادة . الحنين إذًا... هو أن تعيش حاضرًا بجسدك بين الأنفاس، بينما روحك تقيم هناك، حيث ارتسمت ملامح الشوق الأولى. وعرفتَ أن نصفكَ ماثلٌ في نقيض الغياب. كأنكَ تكابد ـــ ببصيرةٍ تبلغ بكَ تخومَ الإدراك ـــ انجذابًا غامضًا نحو مدارٍ شعوري، لا يفلُّه تسارعُ الزمان، ولا تبدّده انشغالات الفكر، ولا تُمحو انكساراتُ الأمكنة أثره المتغلغل في منسوج الذكريات .