الأحد، 30 أغسطس 2009

المفاهيم بين النظرة والرؤية… بقلم: رولا العمر


في سياق جدلية أهمية المفاهيم في عملية الاتصال الذاتي والجماعي بما في ذلك كيفية النظرة للآخر، يتأكد لنا كأصحاب للمناطق الملتهبة والمشتعلة أن العالم يجيد النظر إلينا نظرة اجتازت مرحلة العفوية بقدر كبير.. 
وفي ظل تدحرجنا سويًا في فضاء هذا الكون الغامض تتدحرج الاحداث معنا؛ 
ولأن الأحداث العظيمة عادة تنتج بنشاط جماعي؛ ولأن الانسان مخلوق اجتماعي بفطرته أتت أهمية الاتصال… 
الاتصال الذي يغذي الحوار وهو ذاته الذي يقود الى جحيم الحرب…! 
 وبلا شك أن تلك الكميات الهائلة من المفاهيم وحسن استخدامها أثناء اتصالنا بالآخرين هي الحكم المنصف على مدى نجاحنا في عملية الادراك…!! 
وبالتالي فان كل ما قد يصل اليه الفرد من الادراكات الصانعة للمفاهيم لا يسمو الى مرحلة التعميم الا اذا اعترف به المجتمع المعرفي … ومن ثم تأتي أهمية الخروج من حيز سطحية النظرة الى عمق الرؤية للمفاهيم وهو المحك الحقيقي في عملة التطور والبناء…!  
منذ دخلت الحضارات الانسانية مرحلة التنظيم، أوجدت ما يناسبها من المفاهيم التي تضمن لها تصورًا معينًا للحياة، فكل من هذه الحضارات لم تنظر للواقع الا من وجهة نظر أوجدتها الطبائع المميزة والخاصة بها وضمن التأثيرات البيئية والاجتماعية مع مراعاة سطوة الارث الحضاري والتاريخ…!  
منها مفاهيم استطاعت السيطرة على عالمنا وكتبت بسطور دموية فصولا من الصراع الغريب العجيب والمدهش ان تقف اقلام شهود العيان حين ذكر أسبابها واهدافها عاجزة مشوشة وربما مصدومة باكتشاف الشعرة الرقيقة التي تفصل بين الحضارة والهمجية(الجاهلية) رغم المدة الطويلة التي احتاجتها البشرية لتنتقل من طور البدائية الى التحضر والتقدم…!  
والمفاهيم تستخدم لخلق ظروف معينة وهي أيضا أبرز ما تنتجه السياسات والظروف… 
بوصف آخر هي مرآة العصر والأجدر بأن تحظى بأكبر فرصة للقبول … وبطريقة ذكية تسيطر مفاهيم ذات طبيعة بشعة مقطوعة الصلة بالعلم على مجتمع كامل وتتشرب اوردته أركان الفكرة كما حدث للفكر النازي أو الفاشي … 
وكل هذه الفوضى من الايدلوجيات تصب في مفهوم واحد وهو (العنصرية) !  والمفاهيم زئبقية مراوغة كمفاهيم السياسة فتارة يستخدم مفهوم الاصلاح لتبرير التدخل الاجنبي في دولة متاخرة في الثقافة السياسية وتارة اخرى كأفضل وسيلة ليجذب بها مرشح انتخابات اصوات الناخبين…! 
 والمفهوم تصور ذهني لخصائص الاشياء قد ندركه بالحواس او الخبرة او بالمخيلة. 
فمثلا مفهوم العدالة لدى (مونتسكيو) كما ورد في كتابه روح القوانين:
 (( إن مفهوم العدالة يدلل اول ذي بدء على ذلك المبدأ الأخلاقي الذي يفترض احترام معايير الحق من جهة ، وعلى الفضيلة التي تتطلب احترام حقوق الآخرين من أبناء المدينة من جهة أخرى)). 
 وبالتالي فاذا لم تتوفر أثناء التطبيق لمفهوم العدالة إحدى هذه الخصائص من التزام الاخلاق  والفضيلة، وحفظ حقوق الغير، فنحن بكل تأكيد نعاني من خلل في رؤية العدالة في مجتمع المدينة الذي تخيله مونتسكيو.! 
 ولا تتشابه فئتان تمتلكان خبرات ومصالح متناقضة في رؤية واحدة للمفهوم فعلى سبيل المثال لا يستطيع مجتمع البادية والمدينة الإتفاق على مفهوم واحد للرفاهية..! 
وأن تتفق فئة مسحوقة تخوض نضالا مشروعا في نطاق الدفاع المشروع وحق تقرير المصير و قوة امبريالية على تعريف موحد للحرب المشروعة مما يخلق أنواع عديدة من الصراع الذي كان من الاجدر ان يكون ايجابيًا بحيث يصبح الفكر أكثر حركة وعملية البناء أوسع وأشمل وأكثر خدمة للإنسانية…!  
والاختلاف هو بالذات من يضع الحد القاطع لإستمرار عملية التقليد والإستيراد العشوائي للمفاهيم في بعض المجتمعات لأنه من الطبيعي أن تخضع المفاهيم المستوردة لرقابات عدة وقيود من أنواع مختلفة…! 
 والخطورة تكمن عندما تكثر المفاهيم التي تطرق رؤوسنا صباح ومساء، وما يسببه طرقها المتواصل من ايحاء قد يضعنا بكل حرص داخل حجرة مغلقة بجدران من الضياع. 
ولا شيء أقسى من ضياع الفكرة الرئيسية مع كميات هائلة من الافكار التي لا أهمية لها أو لاتملك تلك الصبغة التي تعطيها الأهمية . 
مع مراعاة أن التنوع عامل اساسي للارتقاء لكن باشراف مسؤول مدرك ان الإستهلاك الآني للمفاهيم لن يجدي نفعا…!  
وبكل تاكيد فان الزمن قادر على كشف كل الشوائب التي تعلق بأصل المادة ولعل الممارسات الخاطئة والرؤية القاصرة لأجمل المفاهيم التي انتجتها الانسانية أصبحت على مستوى يمكن رؤيته بعين الضمير المجردة لإستئصاله فورا دون تشويه المفهوم..!  مالذي نعاني منه الآن حتى نصاب بهذا النوع الخطير من الاكتئاب الذي عادة ما يصيب الشعوب المحبطة …!  
جيوش جرارة محتلة رغم وجودها؟؟؟ 
أم سياسات ظالمة؟؟؟
 أو سيول جارفة من الأفكار والمفاهيم التي تخلو من الاصالة…؟؟؟ 
 إنها الاخيرة، فنحن مخلوقات تبنيها الكلمة وتحركها الفكرة، فلا بدّ من التعامل بثقة الناقد الواعي مع المفاهيم، والتأني في اعتناق القلب واللسان لها، والتدرب على رؤيتها بشكل صحيح … 
 إن الملكة الخلاقة والإبداع تملكها جميع الأمم بالتساوي، وليس عليها سوى تحفيز هذه الملكة بالحركة لتنتقل الى الواقع الملموس…
والتحفيز يحتاج الى إرادة تأمر كل الطاقات الانسانية بالتحرك ايجابًا نحو البناءالجديد.  
لقد أعجبني الشيخ محمد عبده أحد مفكري اليقظة العربية في القرن التاسع عشر عندما أخرج مفهوم (الإستبداد) من حيز السياسة ليشمل جميع جوانب الحياة بما فيها الاجتماعية والثقافية… 
والعزاء الوحيد في كل هذه الجلبة هو أن أجمل المفاهيم التي نقرأها في دستور لدولة قانون او في كتاب تنوير كالمساواة والحرية والعدالة والحق  كتبت في ظروف سيئة…!!!

الخميس، 13 أغسطس 2009

صادقة بأربع وعشرين كذبة…




ارتديها دائما …تزين معصمي و مكاناً خاصاً بنا يلبي احتياج الوقت للوجود..
اخرج للآخرين بها متباهية بأنها الرفيقة التي لا تخون ولا تخطىء أخاف عليها من الضياع من نسيانها في مكان ما… 
أو أن تطلب التفاتة مني ولا أكون بين نبضاتها حاضرة بما يكفي حتى نكمل معا رسم أيامنا …

أتأمل تفاصيل دقتها كلما شعرت بالملل وألم الضجر…
اليوم كانت معي نادرا ما أنسى تقبيل وجنتها الملساء أردت الذهاب الى مكان تقبع فيه ذكرياتنا سويا جنبا الى جنب…!

ها قد وصلنا اخيرا الى أكثر قمم الارض تهورا في الارتفاع…وجلسنا هناك لتسترخي من تعبنا العظام وترتاح أوردة الدم من التلوث العنيد…!
توقف نبض رفيقتي فجأة كما لكل شيء ان يتوقف ثم صرخت بصوت أصبح حادا بشكل مفزع وقالت: سحقا لكل ما جمعني بك ورفعت سوطا غليظا وبدأت تهوي به على كل ما نملك من ذكريات وتزمجر : ملعون هو يومك من دوني…!!
صدمتني حقيقتها … لم تكن رفيقة اذا بل عدو متخفي استطاع خداعي أربع وعشرين مرة في اليوم…!
كم كانت تقولها لي : أنا لا أكذب وأنا ببلاهة صدقتها وآمنت بحياتي وأهمية أنفاسي ليبقى لها حرية العبث بالضجيج والهدوء كما تريد …!
والآن لم نعد أنا وهي أصدقاء فقد قذفتني بكلماتها وحولتني الى عاقر لا يمكن أن تكون على رأس قائمة لسلالة بشرية راقية…
ولم نعد أنا وهي شركاء لأنها تخلت عن فوضوية ساذجة كنت أحسبها مغازلة بريئة…!!
لم تحتملني ولم تصبر على لوني اليتيم لينضج ويعتمد على نفسه ويقوم بمهمته على أكمل وجه ….
تركتني بلا صوم وصلاة فهجرني خشوعي الخجول نحو المجهول وأطلقت آخر أمنية بأن ترجع لي ملامحي الحقيقية وصوتي الصادق…!

لكن لا شيء يرجع لأصل وجوده  بعد أن تبعثرت جزيئاته وانصاعت لشروط  و روابط عهد جديد … ومع هذا أبقى أنا وجنوني بطلين في حرب شرسة فيها شمس وقمرٌ لا يخطئان …!
وأنا رغم ضعفي وقلة حيلتي أمام سطوتها ملكتني كذبة واحدة وهي اني صدقتها …أما هي صادقة نعم وحقيقية لكن بأربع وعشرين كذبة…


الاثنين، 3 أغسطس 2009

انسان في ورقة مالية ... بقلم رولا العمر


والحقيقة هي: أن القلب لا يُشترى بالمال بينما النفس نعم تشترى بالمال …
فالمال لا يمكنه أن يوجِد محبة أو كراهية في قلب ما...
لكنه يقدر على شراء نفس وتوجيهها الوجهه التي يريدها ..
 لذلك فإن الخطر الحقيقي في تلك العلاقة يكمن في قدرة المال على تخدير الضمير واسكاته فيقسو القلب وتتبلد المشاعر
والأكثر خطورة وانهزامية هو في استعداد المال الدائم للتحالف مع السلطة فتتحول به المناصب إلى مكاسب،
والمسؤولية إلى انتهازية ،
والامتيازات إلى انتهاكات.
المال ضمن حدود الحاجة هو مال فقط تأمره فيطيعك.  
أما غير ذلك فهو شيطان مزخرف لن يتركك حتى تصير له عبداً.

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...