الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

لمن لا يهمه الأمر...


لم يخطر ببال أحد ربما .. خصوصا ونحن غارقون في غياهب الذاكرة العربية 
المثقوبة أن تكون احدى أهم وأبرز نتائج ما يسمى ”الربيع العربي ” هذا الكم 
الهائل من مشاهد العنف والقتل والدم والدمار وانتهاك الحريات والكرامة 
الانسانية وتهجير الآلاف من أوطانهم.
تلك المشاهد المفجعة والمؤلمة 
التي نطالعها يوميا وهي من الكثرة بحيث أصبحت تفرض نفسها كواقع طبيعي 
..واقع عنوانه العنف في تكرار مقيت لهذه المشاهد يدخلنا أكثر وأكثر في حالة
 من الإحباط والتبلد الحسي...وهذا يحدث حين يصبح ذلك التعاطف التلقائي البسيط
 النابع من الفطرة الانسانية غريباً ومستهجناً وبالتالي لم يعد لكلمة الحق 
ومنطقها أي تأثير وسط هذا الزخم من الأخبار الدموية وهذا الرعب الذي يعتصر 
قلب الاستقرار والسلام في أوطاننا ..وبالرغم من أن الجميع بات مهدداً ترى 
البعض وهم للأسف أصحاب نبرة الصوت العالي يسبح في محيطات التصنيفات وما 
تحمله بطاقات الانتماء البلاستيكية من معلومات .
أعتقد أن هذا العالم الذي أصبح بفضل التكنولوجيا المعاصرة صغيراً بحجم 
علبة الكبريت جعلنا نصطدم ببعضنا البعض في احتكاك مقصود أو غير مقصود لا 
فرق بينهما وبصورة فجائية حتى قبل أن نعي اختلافاتنا ونتعلم ونطبق آداب 
وثقافات وقواعد الاختلاف والحوار والتعاون والتكامل الإجتماعي في واقعنا 
اليومي.. فنحن في الماضي لم نعوّد أنفسنا على تبادل الأفكار مع الآخر 
المختلف كان همّ تحصيل لقمة العيش في وعينا العربي أهم من العلم ومن هذا 
النوع من الثقافة ... وما أحوجنا كنا حينها لقراءات لكتب الدين والتاريخ 
قراءات تبني وتحب وترحم وتعيذنا من لعنة تكرار الأخطاء التاريخية !!
بأي طريق نحن سائرون ؟؟ وإلى أين وصلنا ؟؟ وهناك محرضون يتلاعبون بدماء 
الأبرياء وأرزاقهم من أجل تحقيق منفعة سلطوية رخيصة ترافقهم آلة قتل تقف 
خلفها ارادة عمياء تتفنن بتحويل الأحياء إلى مجاهيل يحملون رقماً كئيباً في
 سجلات الموت ..بتحويل أحلام عروبتنا إلى كوابيس وتشتيت أذهاننا عن حقوقنا 
وقضايانا ومشاكلنا الحقيقية واغراقنا في تفاصيل لا هدف لها إلا اثارة الفتن
 وزرع بذور الإنقسام والكراهية في قلوبنا وضمائرنا.
والسؤال الآن : 
هل تعلمنا الدرس ؟؟ وهل هناك خطاب انساني مقاوم بدأ يختمر في العمق النفسي 
والفكري والروحي للانسان العربي كنتيجة منطقية للأحداث الدامية التي نعيشها
 ... خطاب معتدل يحتضن آمالنا وطموحاتنا بمواطنة تتسع للجميع تقوم على أسس 
العدالة والمساواة والحرية ؟؟
متى؟؟!
متى يدرك أبناء الشرق 
أنهم ليسوا قرابين بشرية للاستبداد والإرهاب والفوضى وأنه لا تبرير للقتل 
وسفك الدماء وامتهان الكرامة الإنسانية وتشييء الإنسان فالحياة مقدسة وهي 
أعظم من أن تقيد بالغرائز والظروف والماديات والعقل الحر هو روحها 
واستحقاقها..
متى ستلتقي بوصلتنا التائهة في ركامات اليأس بجاذبية 
الأرض العربية وبوجهها الحضاري المتسامح فيكون طريقنا الوحيد إليها قائما 
على ما يجمع وليس على ما يفرق... متى ؟؟

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

على سبيل الخيال .. السفر عبر الزمن

 
على سبيل الخيال ، لو أردنا السفر عبر الزمن إلى مجرة "اندروميدا"  أقرب مجرة إلينا والتي تبعد عنا حوالي ثلاثة ملايين سنة ضوئية  بسرعة قريبة من سرعة الضوء. 
فإن رحلتنا ستأخذ حوالي خمسين سنة من أعمارنا في الوقت ذاته سيكون قد مر على الأرض ثلاثة ملايين عام...  
وذلك طبقًا للنظرية "النسبيّة" التي تقول بأن الزمان والمكان متغيران ونسبيان فكلما تسارعت حركة الجسم الذي يسير بسرعة تقارب سرعة الضوء في المكان ،أصبحت سرعة مرور الزمان أبطأ.. 
كم تشعرني بالرهبة تلك المسافات الكونية هائلة الاتساع!!
 لا أعلم كيف ستبدو سنوات حياة الفرد القليلة أمام هذه الأرقام الفلكية المخيفة لا أعتقد أن ستين عاما وهو متوسط العمر المأمول للفرد ستكون شيئاً يذكر ..  
وهذا ما يفسر سعي البشرية المحموم نحو التوسع والسيطرة واثبات الوجود وتحصيل أسباب الاستمرار أملاً بأن يكون لديها وجود أو هامش في سجل هذا الكون الواسع ..  
معظم هذه المحاولات خصوصاً تلك المبنية على مبدأ الغطرسة والهيمنة والمفاهيم الإقصائية أو الإلغائية باءت بالفشل واندثرت. 
فمنطق الكون التنافسي دائماً ما يفرض نفسه كأداة تنظيم لكافة الأنشطة البشرية. 
والواقع أن جميع محاولاتنا للسفر عبر الزمن والتحرر من قيود الزمان والمكان تبقى في إطار الأمنيات أمام ماضٍ يستحيل التحكم به أو تغييره، بينما نعيش حاضراً متطلباً يجعلنا في سباقٍ دائم مع الوقت في مواجهة مستقبلٍ لا يعترف إلا بالمُنجَز ... 
 مُنجَز انساني تسوده القيم ...  
مُنجَز بنكهةٍ كونية تتضاءل المسافات من أجله ويتمدد الزمان .

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

أمثولة كهف أفلاطون الصراع بين الحقيقة والوهم

 
 
في عالم المادة وسيطرة الحواس يبقى الادراك محدوداً ومشوشاً
 أما في عالم العقل والروح فليس هناك ما يستعصي على الانسان فهمه لكن مهما كان مستوى ادراكنا الروحي للعلاقة التي تجمعنا بالنور هناك دائماً دافع خفي في النفس يطلب منها أن تعي بلاغة التشبيهات أكثر وأكثر ...
أمثولة الكهف لأفلاطون، تلك التحفة الاغريقية الفريدة، تبين لنا مراحل خروج النفس من سجن الجهل والوهم "الظلام" إلى حرية المعرفة الحقيقة"النور". 
والصراع بين العقول القابعة في ظلام سجن الظلال والأوهام مع الروح التي استدارت جهة الشمس ورأت نور المعرفة والوجه الحقيقي للحياة ...
أجمل ما في الأمثولة هو أنها تنطبق على كل زمان ومكان .... 
على كل عقيدة أوقيمة أو مبدأ أو حقيقة أو فكرة حررت الإنسان من قيود الجهل، وحملت شعلة النور لتنير مساحات الظلام ولتخبرنا أن هناك خارج الكهف نور...
وهو روح الخير المطلق.
نور يبعث الطمأنينة في المكان ، يحدث العين والقلب عن الحرية،العدل،الحب، المعرفة الأخلاق والجمال.
فالشمس تنبض بالطاقة والحركة توزع حصص الحياة بعدالة على جميع المخلوقات أما نورها فهو روح المعرفة وأبجديتها.
ولأبجدية النور جمال لا يقاوم يجذب كل فكر حيّ ...
وطمأنينة تعانق كل قلب غارق في ظلمة المجهول يلتمس طريقه ..
إن بين عقولنا والنور علاقة أبدية،علاقة بقيمة الحياة تجعلنا نشعر أكثر بأهميتنا وموقعنا في هذا الكون اللامتناهي .

الأحد، 18 أكتوبر 2015

قراءات في الذات الإنسانية "الإرادة"

الإرادة : قوة نفسية واعية تدفع الإنسان إلى تحقيق منجز ما يطمح بالوصول إليه، 
أي أنها الطاقة التي تُخْرِج الفعل من مجال الخيال والتمني إلى أرض الواقع ...
إن الإرادة التي في داخلنا هي مظهر من مظاهر إرادة الوجود واستمرار لها وهي الأداة التي أوجدها الله من أجل حفظ كينونة الكائن الحي و لتكون سلاح الإنسان في مسيرته لتحقيق ذاته واعمار هذه الأرض..
ولو بحثنا عن الإرادة في أجسامنا فسنجد أنها العلاقة التي تربط بين الأنسجة والأعصاب. 
حيث يقوم الدماغ وهو مركز الإرادة بإرسال الاشارات والتعليمات عبر الموصلات العصبية إلى العضلات لتقوم الأخيرة بالعمل المطلوب منها.
لكن ما الذي نحتاج أن نعرفه عن ارادتنا وصفاتها وتجلياتها ؟
ولماذا يجب علينا أن ندرب أنفسنا على فنون التحكم بها وتوجيهها حسب ما يوافق العقل؟
الانسان كائن مزود بمجموعة من الغرائز الشعورية كالحب، الكراهية، الخوف، والشجاعة ...
وحاجات لا يمكن أن تنفصل عنه كحاجته للطعام والشراب والنوم وغيرها... 
وهي حاجات أساسية لا بد له من اشباعها للمحافظة على حالة التوازن في الجسم. لكن ما علاقة الإرادة بكل هذا؟؟
صحيح أن الإرادة هي إحدى خصائص العقل لكنها قد تظهر مستقلة عنه حينما تسبق هذه الانفعالات والرغبات والشهوات والمشاعر قرار العقل.
فالإرادة هنا تقوم باستقبال الإحساس الذي تحمله الأعصاب إلى الدماغ، وهذا الإحساس بالرغبة أو بالألم هو عبارة عن وسيلة ضغط على الإرادة غايته دفعها إلى الاستجابة لنداء الرغبات والحاجات و ايجاد تصميم يعمل على التقليل من هذا الألم أو رفعه تماما...
لكن ليست كل الرغبات التي تطرق باب الإرادة تمضي بسلام هكذا فالخضوع المطلق لهذا النوع من الإرادة في غياب تام للعقل وسد الحاجات بوسائل غير مشروعة وتكرار هذا الفعل واستساغته سيؤدي بالإنسان في النهاية إلى الإنحرافات النفسية و إلى الجريمة التي ستصبح بالنسبة له عادة لا يستطيع الفكاك منها تأخذه دون أدنى مقاومة إلى الحضيض الغريزي "الحيواني" فالإنسان كائن مكرّم بالعقل وهذا يعني أنه يجب عليه أن يدرب ذاته على اخضاع ارادته لسلطة العقل كي يضمن تلبيه نداء الحاجات والغرائز بالطرق السليمة والمستقيمة.
نحن في الحقيقة نتيجة ما نعتقده في مخيلتنا من معالم وأفكار عن أنفسنا، وسواء كانت هذه الأفكار سلبية أم ايجابية لن نكون في الواقع إلا تجسيداً لها..
لكن الهدف الأسمى الذي يسعى الانسان إلي تحقيقه هو بناء ذاته وحفظها والإرادة الواعية العاقلة هي القوة التي تدفع صاحبها إلى تحقيق ذاته وطموحاته وتجعل منه شخصاً مبدعاً متميزاً مدركاً غاية وجوده على المستويين الفردي والجماعي...
أن نملك حرية الإرادة يعني أن نبقى في تحدٍ دائم ومستمر لإثبات ذواتنا لكن قوة ارادتنا وقدرتنا على التأثير تنبع من صدق أفكارنا ومدى ايماننا بها وادراكنا وثقتنا بما نحمله في دواخلنا من قدرات وطاقات وخبرات وامكانات حقيقية...
فلا نخشى التغيير ولا نرضخ لقوالب ذواتنا والأنماط السائدة بل نتمرد عليها من أجل وجود أفضل وأرقى وأكثر قرباً من مفهوم "الحق".
وهذا يتطلب منا أن لا نخفي أنفسنا خلف إرادة الحشود وأن نستقل عن الآخرين بإرادتنا الحرّة بعيداً عن الأفكار السلبية المضللة وما تحمله أحياناً سلطة إرادة المجتمع من تكرار في خياراتها وتصوراتها لأن الخضوع الأعمى لها سيؤدي إلى التقليل من أهمية إرادة الفرد المستقلة وتقديس العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية، والتي قد تكون عديمة الجدوى في بعض الأحيان .
في النهاية ووسط هذا الجدل الدائر حول إن كانت الإرادة الحرّة موجودة أم هي مجرد وهم أقول:
كلّ فرد منا مسؤول عن بناء ذاته التي تحدد دوره في بناء مجتمعه. 
هذا الإيمان بالدور النقدي للعقل وبالقوى الكامنة التي تملكها النفس الإنسانية كفيل بأن يوجد الفكر الحرّ الخلاق والمبدع، وأن يقدم مفهوماً أكثر توازناً للإرادة الحرّة الواعية.

الاثنين، 12 أكتوبر 2015

قراءات في الذات الانسانية "المبادئ"


المبدأ لغوياً : هو أول الشيء ومادته التي يتكوَّن منها وفي مجالات العلوم والفنون فإن المبدأ هو قواعد العلم الأساسيّة التي يقوم عليها ولا يخرج عنها..
أخلاقيا: هو عقيدة يلتزم بها المرء ولا يخالفها..
 المبدأ هو نقطة البداية لأي منظومة أو نسق فكري وهو الأساس الذي تبنى عليه النظرة الشخصية للأمور و القاعدة الفكرية التي تنطلق منها القيم والنظريات والمواقف والمنهج المعتمد في القول والفعل والتفكير.
لكن عند الحديث عن المبادئ تساؤلات تطرح نفسها على الذهن ...
أولها :ما هو الصواب والخطأ في عالم المبادئ ؟؟
ثانيها :هل هناك مبدأ جيد وآخر سيء ؟؟
ثالثها : هل المبدأ ثابت أم متغير؟؟
 لكل انسان مبادئه الخاصة به والتي يستنبط منها أحكامه ورؤاه للوصول إلى غاياته أو تحقيق هدف معين.
 ما يجعل المبادئ مختلفة عن الحقائق أن الأخيرة مفروضة على الإنسان لا يستطيع بفكره وعواطفه التدخل أو التحكم فيها أما المبادئ وهذه برأيي من أهم الخصائص الجوهرية للمبدأ فإن الإنسان يقوم بمحض ارادته وبكامل حريته باختيارها واعتمادها وفرضها على نفسه .
 اعتاد الناس في كل زمان ومكان على احترام أصحاب المبادئ والتغني بهم وبمواقفهم الشجاعة،وذلك لأن المبادئ ارتبطت في أذهان الناس بالأديان والمثل والقيم الأخلاقية العليا فصاحب المبدأ هنا يطوع الظروف لصالح ما يحمله من مبادئ وأفكار لذا نراه في حالة صلح دائم مع نفسه ومع الآخرين على اختلاف أفكارهم ومعتقداتهم وعاداتهم ..
 أصحاب المبادئ في عالم القيم والمُثل الأخلاقية العليا لا تتصادم مبادئهم ولا يلغي أحدها الآخر بل تكون العلاقات بينها مبنية على حسن الجوار ورغم اختلاف المناهج وتنوعها إلا أن هناك أمر مهم يجمعها ألا وهو الهدف المتمثل بتحقيق الخير للانسانية.
"دعونا نحلم بامكانية تحقيق ذلك على أرض الواقع ولو نظرياً"
الثبات على المبادئ القائمة على سمو النفس والقيم العليا أمر في غاية الأهمية وهو المطلوب ليعم التفاهم والسلام والاستقرار بين البشر لكن المبادئ لا تكتفي بهذا التعريف الذي يفقدها شموليتها فكل فكرة أو سلوك في الحياة سواء كان جيداً أو سيئاً انطلق من مبدأ ما وهذا يعني أن علينا أن نتعامل يوميا مع عدد لا نهائي من المبادئ لكل واحد منها صفته وبيئته وزمانه وانسانه وهذا يتطلب المزيد من الانتباه والحذر في تناول خياراتنا أثناء التعاطي معها واتخاذ قرار التجاوز عنها أو اعتناقها أو تعديلها أو استبدالها بأخرى جديدة تكون مناسبة لعصر المتغيرات ومتطلباته.
 إن غياب المبادئ التى تساعد في بناء الشخصية الانسانية وصقلها يعني اتباع الأهواء والخضوع التام لسلطان الفوضى ويظهر هذا الأمر عند قيام البعض بتصرفات مؤذية غير مسؤولة تجاه نفسه أولا وتجاه الآخرين...
 قوة المبدأ تتجلى في قدرته على الانصهار مع الذات لتحقيق السلام الداخلي للانسان وتفسير الظواهر ومحاورتها بلغة العقل فكل مبدأ يقوم على حرية التفكير ولا يخالف العقل وقواعد المنطق والفطرة السليمة سيقود الانسان حتما إلى أن يكون قولا وفعلاً ابناً باراً بقدسية الحياة.

الجمعة، 9 أكتوبر 2015

رقائق روحانية "الألم"


 -زاهدة: يقولون: أنه يَجب عَلينا أن نتألم لكي نصبح أقوياءْ... ما رأيك ؟
-محب: لا يُمْكِنُ للألمِ أنْ يصنعَ قوةً... فالألمُ يمكنه أن يصنعَ شرًا، وضيقَ أُفُق مُعظمُ الاَلام تجعلُ الانسانَ أقربَ الى العدوانية
-زاهدة: أو أقربَ إلى الموتْ، السُكون، الضَعفْ. لكن الألم قد يكون دافعًا لأن نقوي نقاطَ ضعفنا.
محب: هل تقصدين الموتُ المجازي؟!
-زاهدة: نعم هذا ما أقصده
محب: صحيح.
-زاهدة : لكن ما الذي نشعر به عندما يُهاجمنا الضَعف الانساني ونصبح قليلي الحِيلة أمامَ أزمات الحياة ومشاكلها الكثيرة؟ أليس هو الألمْ.
-محب: الأزمات والمشاكلُ جزءٌ لا يتجزأُ من الحياة، فلولا وجودها لما شعرنا بالجمال والحب والرخاء، فالألم الجسدي مكتوب علينا لأننا بَشر هو جزء من حَياتنا لكن الألمُ الحقيقي هو الجَهل.
-زاهدة: لكن، أعتقد أنّ الانسانْ بحكم تكوينه يبقى جَاهلاًً حتى يدْركُه الألمْ ،وكأنَ الاحساس بالألمْ دليلُ معرفةٍ وحياةْ.!
-محب: يمكننا أن نتقبلَ تلكَ العبارة؛ لكن بتحفظ!!
-زاهدة: ما الذي أثار حفيظتكَ فيها بالضبط؟
-محب: لا نستطيعُ ان نقولَ أنه لولا وجود الألمُ لما شعرنا بأننا أحياء؛ فليسَ الألمُ الدافعَ الحقيقي للحياة!
-زاهدة: أتفق معك تماماً. 

إنّ الآلامَ التي نعيشُها هي ضَريبةٌ للحَياة وليستْ مَعنى الحَياة ولا هدفنا مِنها .
-محب: لا يهمُ أن نتفقَ أو نختلف؛ بل الأهمُ من هذا كله أن لا نقف مكتوفي الأيدي أمام الأزمات والمشاكل.
-زاهدة: أن نصبح أقوى وأكثرَ جرأة وإقداماً في المُواجهة.
-محب: ولا نُعطي الأمورَ أكبرَ حجمها
زاهدة: كيفَ يكونُ ذلك؟
-محب: بالقراءةِ، والثقافةِ تتسعُ المدارك؛ ونستطيعُ التغلبَ على كلِّ المشاكل
فَلَو نظرنا جيداً؛ لعرفنا ان معظمَ مشاكلنا تافهة، وأننا نَحْنُ من نجعلها كبيرةً ومعقدة!!
-زاهدة:هذا على المستوى الشَخصي لكن كيف ستتغلَب على آلامك الواقعة عليك بفعل الغير؟
-محب: مهما كانَ مصدرُ المشاكل؛ فهي بسيطة؛ ولكنها تحتاجُ منا لعقلٍ ورويَّة!! فالحلولُ متاحةٌ لكلِّ مُتدبِّرٍ واعٍ ولا تنسي أنّ الحَق هو القوة .
زاهدة:رغم أن لنا الحق في أن نكون ما نريد بلا ألم ...
إلا أنه لا بدّ أن تتألم.
لا مفرَّ من هذا الشعور الطاغي وفي حينها سَتعيشه بكامل تفاصيلهِ المُرهقة.
-محب: لَمْ أجعلْ للألمِ مكاناً في حياتي، مُطلقاً! عادةً، لا أُلقي بالاً لما يُسمى ألمًا.
-زاهدة:ربما لأننا أقوياء
محب: ربما
ولكنَّ الاقربَ للصواب هو الذكاء الاجتماعيّ!!
-زاهدة: أن تفهم المعنى الحَقيقي للحَياة وتواجه صعوباتها بحكمة يقودها الذّكاء لا الألمْ.
-محب: صحيح، هذا ما عنيتُهُ تماماً. 

فالألمُ هو بحد ذاته ضعيف؛ كالنار، إِنْ لم تُغذّها فَسَتُخمَدُ بأسرع مما نتخيل أو نتصور.
-زاهدة: جميل هذا الوصف، الأمر بالنهاية إرادي نحن من نقرر.
-محب: الذي يَكُونُ صاحبَ قرارٍ حقيقي بحياته، يَكُونُ دائماً سيدَ الموقف..
-زاهدة:صحيح ، يكون دائماً الأقوى.
-محب: سيكون صانعَ سلامْ.
-زاهدة: رغم الألمْ
-محب: رغم الألمْ

رقائق روحانية ....الإيمان


-حالمة : يقولون : الإيمان لا يكون ايماناً،
إلا إذا كان يناقض العقل والمنطق، وإلا فهو فكر وفلسفة ما رأيك؟
-واثق : أُخالفُ المقولةَ جملةً وتفصيلاً؛ فهو لا يتعارض تعارضاً، وإنما يكون الايمانُ كعمليةِ التهذيب.
-حالمة : أو ليس الايمان ملكةً من ملكات العقل فكيف يناقضه ويتعارض معه ...
هل تتفق معي؟
-واثق : طبعاً اتفقُّ تمامَ الاتفاق
 فلا يُمكن أن نكونَ مخلوقين بعقلٍ ومنطقٍ يتعارضُ مع الإيمان ، وخاصةً إذا كنا مؤمنين بلطفِ الله في مخلوقاته.
-حالمة : سيقول البعضْ أن الايمان مصدره القلب والقلبُ أثبت علمياً أن وظيفته فقط ضخ الدم
-واثق: يقولون ما يقولون، ولكن لا يُمْكِنُ للشمسِ أن تُغَطى بغربال، فالإيمان يعتمدُ اعتمادًا لا مُتناهٍ على العقل والمنطق.
-حالمة : الإيمان هو اليقين.
واثق : صحيح ، ولن تتَأتّى درجاتُ اليقين دون عقل ومنطقٍ يدعمه.
-حالمة : حتى تصل بايمانك إلى نقطة اللا عودة
 -واثق: حتى لو وصلت؛ فالعقل والمنطق كحائط الصد لو أن الإيمان يتعارض مع العقل والمنطق؛ لما كانَ للعقلِ والمنطقِ حاجةٌ!!
-حالمة : ولا يمكن لانسان مؤمن بشي أن يكفر به يشكل كامل، هو يوهم نفسه بذلك لكن الإيمان سيظهر
واثق : لو لم يظهرْ؛ فهو أقربُ الى الفطرة
-حالمة : صحيح لدرجةٍ يستحيل التفريق بينهما
-واثق : أوافقكِ تماما.

الخميس، 1 أكتوبر 2015

العقوبة ...هي ذاتها العروبة

 
العقوبة ...هي ذاتها العروبة لم تتغير ولم تتبدل.
ما زالت هوية غارقة في بحر متلاطم من الفتن.
لكنها الأكثر صموداً في مقاومة أصناف العذاب.. 
تبكينا في ضعفها وسط الأقوياء ونبكيها كلما توغلت في ملامحنا دهاليز الغرباء.
العروبة.
هي العقوبة التي جعلتنا سواسية أمام الجلاد.
ذاك الذي يفترس جغرافيا العرب كيفما يشاء.
ثم يدعو إليها رفاقه الاوفياء. 
كالوسواس هو لا ينفكّ عن محاولة اقناعنا بأنّا كنا دائما في مضارب عروبتنا ضيوفا أشقياء. 
ينقصنا الهدوء والتهذيب والكثير من مظاهر الحضارة ..  
وبأننا متساوون في نظر مُشرِّع الغاب، فقد حفظ لكل روح عربية حصتها من تجلياته النرجسية الإجرامية، ونصيبها من الصبر والصمت، وضبط النفس، وحبس الأنفاس، وقدرة فائقة على التصديق والالتزام.  والحقيقة أننا في كل مواجهة معه كنا نصدق ضعفنا وخوفنا لا كلامه وأحكامه ...
نصدق أن عروبتنا هي من أوجدتنا في المكان والزمان الخطأ. 
وأن عقارب ساعة الزمن العربي يجب أن لا تعرف أكثر من قياس دقائق الصمت وحساب أيام الحداد. 
وأن علينا أن نكون أكثر لطفا؛ كي تنطبق علينا شروط اللجوء هربا من العروبة أو العقوبة ...

خارج حدود العدل ..


لم ينتظر أفلاطون طويلاً ليثبت أن التصور الذي قامت عليه العدالة في أثينا ليس سوى أن العدل هو منفعة الأقوى...
تحديدا في تلك اللحظة التي صدر فيها الحكمُ على سقراط بالإعدام ...
بالنسبه له كان هذا دافعا للبحث عن مفهوم جديد للعدالة  لا يظلم فيه أحد فكانت ولادة الجمهورية الفاضلة، أول كتاب أُلِّفَ في الفلسفة السياسية..
 نعم إنها فلسفة أفلاطون السياسية تُناقش على لسان أستاذه سقراط في حوارات شيقة مع أتباعة، تحت عنوان كبير "العدالــة".. وفكرة ثابتة لا تتغير تنادي بالحاكم الفيلسوف وأن المصائب لن تنتهي من حياة البشر ما لم يتول الفلاسفة الحقيقيون الحكم أو يتحول الحكام إلى فلاسفة والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن ... 
هل هذا ممكن؟؟؟ كيف نبني دولة عادلة أو أفراد يحبون العدالة ؟
 إن التاريخ الإنساني يروي لنا الكثير عن قيام امبراطوريات ودول وسقوطها على يد امبراطوريات وقوى جديدة. في نظر أفلاطون كل دولة قامت على الحق باقية بقوة العدالة. 
أما دولة القوة فمصيرها سيكون الزوال لا محالة.. 
يعتقد أفلاطون أن محبة العدالة موجودة في الفرد لكنها لا تتحقق إلا بفرض سيادة العقل وكبح الشهوات والأهواء.. 
وبما أن هدف الدولة هو تحقيق الفضيلة يجب أن تخضع للعدالة وهي دستور الدولة طبقات المجتمع الثلاث والتي يقابلها في النفس الإنسانية بالترتيب قواها الثلاث العقلية،الروحية،الشهوانية...
 أما طبقات المجتمع كما رآها أفلاطون فهي كالتالي : طبقة الحكام الفلاسفة الحكماء: وهم القوة العاقلة التي توجه الجميع إلى عمل الخير.. طبقة الحراس الأوفياء او الجنود الشجعان. 
طبقة الفلاحين والصناع بما يتحلون به من فضائل العفة والصدق والنزاهة. 
يرى أفلاطون أن فضيلة العدالة ستبقى مرتبطة بكافة فئات المجتمع ما لم تتدخل أي طبقة منها في شؤون الطبقات الأخرى، مثلا لا يحق للإسكافي مشاركة الفيلسوف الحاكم في عمله فهو بحكم تصنيفه لم يحصل على التعليم الكافي وتنقصه الخبرة ولو تهيأت الفرصة لفرد من طبقة الحراس والجنود والصناع واكتسب المال والعلم وتمكن من الانضمام للطبقة الحاكمة فإن هذا الحال من وجهة نظر أفلاطون سيكون أول خطوة على طريق الفساد وسيؤدي بالدولة إلى خسارة دستورها الارستقراطي المثالي لتحل محله دساتير أوليجاريشية وتيموقراطية حيث يتولى الحكم طبقة الأغنياء أو الجيش.. 
بعد هذا التصنيف لمجتمع الجمهورية الفاضلة يتضح جلياً مفهوم العدالة أو ماهية العدالة فهي في النفس الانسانية العقل الذي يضبط الشهوات ويقتصر دور العاطفة على مساعدة العقل في عمله ... 
أما الدولة العادلة فهي الدولة التي يقوم فيها كل فرد بعمله الخاص .. تناول أفلاطون في كتابه المفاهيم التي تتعلق بالحكم والمجتمع وأخضعها للجدال والنقاش في محاولة لمعرفة ما يصلح وما لا يصلح لدولته المثالية .
 بالنسبة لي كانت أراؤه الإجتماعية صادمة وظالمة إلا اذا تحول البشر في جمهوريته إلى آلات ...
 فقد ألغى أفلاطون مفهوم العائلة وحرم الملكية الخاصة بالنسبة لطبقة الحكام والجنود، وهو مؤمن بأن ذلك سيخدم المصلحة العامة حيث لن تشغلهم عائلاتهم وممتلكاتهم عن التفاني في تنفيذ ما يوكل إليهم من مهام وواجبات، كما أن هذا يعني حرمان المرأة من الأمومة وجعل وظيفتها مقتصرة على إنجاب الأطفال دون السماح لها برعايتهم حيث تقوم الدولة بذلك وفق رؤيتها الخاصة. إن نظرة أفلاطون لدور المرأة أصابتني بالحيرة فهي شريكة الرجل في الواجبات والحقوق ويجب أن تأخد نصيبها من التعليم في جميع المجالات وأن تقوم الدولة بدعم موهبتها حتى تبدع في مجالها الخاص كالرجل تماما إلا أنها دائما الطرف الأضعف.  أما بالنسبة لطبقة العبيد فهم خارج تصنيفات أفلاطون تماما!! 
حقا لا أعلم لماذا عند الحديث عن المساواة بشكل عام لم يكن رأي أفلاطون نقيا خالصا بل جاء محمّلا بتأثيرات تعكس وجهة النظر السائدة التي كان يعتنقها المجتمع في ذلك الوقت...
 سياسيا، لا مكان للديمقراطية في دولة الفضيلة حيث أنها شكل من أشكال الطغيان سيظهر في طغيان الأغلبية على حقوق الإقلية لاستحالة وجود نظام قانوني يحمي حقوق الأقليات ثم يصفها أفلاطون بأنها حكم الفوضى لأنها تفتح المجال أمام العامة للمشاركة في الحكم وإدارة البلاد وهذا يعني ضياع العدالة ودمار الدولة برأيي أن أفلاطون هذا الرجل الذي تجسدت فيه العبقرية والرقي الروحي والأخلاقي تمكن نظريا من رسم ملامح جنة اليونان لسنة 400 ق.م لكنه لم يأت بتلك الدولة المثالية التي ننشدها في أحلامنا ربما للفرق الشاسع بين زمن النظرية والتطبيق أو صعوبة الملائمة بين أفكار أفلاطون المثالية وواقعنا بكل ما فيه من خير وشر. 
مع أننا نتفق معه بأن العدالة لن تتحقق بالكامل إلا بعد الموت وفي يوم الحساب حين يذهب الطغاة الاشرار إلى عذاب الجحيم و الأخيار إلى جنة النعيم .. 
ما موقع عالمنا على خارطة العدل ؟؟ هذا هو السؤال الذي كان يعصف بفكري بعد كل قراءة لكتاب الجمهورية يقابلها تأمل عميق لحالنا المعاصر ...
سؤال كبير تختبئ وراء اجابته أسئلة أخرى. ما هو المعيار الذي نستطيع به أن نعرف العدل ونحكم على هذا الأمر أو ذاك بأنه عادل أو ظالم ؟؟ 
أرى أن العدالة هي حكم العقل والأخلاق الذي يهدف إلى تحقيق المساواة بين البشر وحفظ حقوقهم ومصالحهم الفردية والجماعية ولأنها أسمى قيمة في الوجود. 
ثارت من أجلها شعوب الأرض وتغيرت معالم دول. 
فالشعوب في غيابها حين تدرك سوء حالها لن تطالب بغيرها ولن تهتف إلا بإسمها، هي أدنى وأقصى ما يحلمون به ، وهي أساس الملك وأساس النظام والسلام.
 لولا العدالة لما كانت الروح الإنسانية خالدة، تحاسب فتثاب أو تعاقب، بل إن وجودنا الإنساني كله كان سيصبح بلا معنى وبلا هدف لو لم يكن لهذه الأرض قبس من نور العدالة. 
وهنا سؤال يطرح نفسه هل حققت محاولات البشرية في فهم وتطبيق نظريات العدالة بجميع أشكالها وعلى رأسها العدالة السياسة والاجتماعية النتائج المرجوة منها وأصبحنا بمباركتها شعوبا راضية سعيدة هادئة ومستقرة؟
أعتقد أن اعتماد النتائج كمعيار للحكم على نجاح البشرية في ادراك مفهوم العدالة هو الأكثر منطقية. 
فإذا جاءت نتائج تطبيقنا لنظريات العدالة مرضية للجميع بحيث حفظت للفرد حقوقه وحاجاته، وضمنت المساواة بين جميع البشر بحيث لا يطغى القوي علي الضعيف. 
هنا نستطيع أن نقول أن عالمنا يحيا مستقراً داخل حدود العدل ... 
أما اذا جاءت النتائج كارثية بحيث عمّت الفوضى، واختل النظام، وتذمر الناس من نقص حاجاتهم واهدار حقوقهم فنحن هنا نكون قد وضعنا عالمنا بكل جدارة واستحقاق مع الإحتفاظ بشرف المحاولة خارج حدود العدل وسيبقى عالمنا في منفاه الإنساني طالما أن البشر يتمادون أكثر في سوء ادراكهم للنتائج المروعة التي وصلوا إليها بإصرارهم على تجزئة العدالة حتى تتوافق مع مصالح وأهواء البعض،
فنسمع في القرن الواحد والعشرين أن طفلا في مكان ما مات جوعًا وبردًا ،
ونرى بالصوت والصورة أرضاً تصادر بالقوة من أصحابها تحت حماية القانون وأن هناك دولة متحضرة ذات سيادة تعاني احتلالا أجنبيا، ثورات ضاعت في منتصف الطريق، شباب تلاشى في عتمة الاحباط ، 
وامرأة تمتهن إنسانيتها وتحرم من حقوقها لأنها إمرأة ... 
كل هذا القتل والاستهتار بالقيم الانسانية والأخلاقية لن تجده إلا في عالمنا.
 عالم يموت خارج حدود العدل....

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...