الأحد، 29 أغسطس 2010

في حضرة الحب الفرعوني…


ِ

AIDA : Guiseppe Verdi

Designed by : Rula  Al omar
_______________
في حضرة الحب الفرعوني…*(1)
المكان: مدينة (ممفيس) مصر الفرعونية 
الزمان: عهد "رمسيس" الثاني (1304-1238)ق.م.
الأحداث الرئيسية
 شهدت هذه الفترة المعارك التي خاضتها الممالك الفرعونية ضد ملك الحبشة "آموناصرو"..



إلى الجنوب منتصرا
وأخيرا عاد "راداميس" قائد الجيش الفرعوني إلى مصر على رأس موكب مهيب
 و بدأ الطواف حول معالم المدينة الفرعونية معلنا انتصاره 

 على الأحباش
 يجر وراءه غنائم نصره العظيم … و عايدة أسيرة حرب لدى المصريين..
كنهاية ثوب كهنوتي مقدس
تطارد بركة النصر حروب "راداميس"
لكن
 من أحبك أكثر من النصر يا "راداميس"؟؟
إبنة عدوك الأميرة عايدة الحبشية…
تلك السمراء
العذبة
الرقيقة
كماء النيل

 
بين الحب و الحرب

أصبحت الأميرة بعد وقوعها في الأسر جارية عند "امنيريس" إبنة فرعون…
لكن هذا الحال لم يمنع الحب من أن  يتسلل  إلى قلبها كما يتسلل النسيم بين خصلات شعرها السوداء
 ويسكن وسط عالمها المشحون بالقلق والترقب.
حيث تتراقص أشباح الحرب حول الذكريات وتفل الأجساد.. 
فيطل عليها من قمة رحيل ذات رمل ملون وسراب حزين طيف لقاء تغزل عايدة من خيوطه المتلألأة قيثارة عشق يائسة تحمل عنها صمت حب أراد لنفسه أن يكون بلا قيد وبلا حدود.
 يتبعثر في العيون حتى يتلاشى في مدى عناق أبدي
 مع من بات كالناووس*(2) مستعداً لكل شيء وللموت حباً وحرباً..
فالحرب لم تنته وهاهو والدها ملك الحبشة يقود جيشاً لإستعادة ابنته الأسيرة بينما ابنته تقف أمام بستان حيرتها تنتظر ثمرة محاولة ناجحة لإخفاء مكنوناتها وقلبها العذري يصغي بانكسار  لكلمات "رادميس" الأخيرة لها قبل ذهابه لقتال أبيها و شعبها:
عائدة لا تكوني كالحرب فهي لا تشبهك كوني كدروب الحصون هادئة بقدر ما تستطعين  



سرير الشوك
 لم تجرؤ الظنون والهواجس على ترك ابنة فرعون تنعم بالهدوء.. وكأن ظنونها باتت متيقنة من أن  هذه السمراء تحمل مشاعر حب لرجلها المنتظر…
و أمام صمت عايدة لم يكن أمام "امنيريس" إلا امتحان قلب جاريتها، فاستدعتها إلى جانبها، شقت ثوبها
وتظاهرت بالبكاء..ثم همست لها قائلة : 
هناك أنباء سيئة عن رادميس أعتقد بأنه قد قتل في الحرب 

لم تتمالك عايدة نفسها أمام خبر كهذا
فانهارت باكية
حينها تأكدت "امنيريس" بأنها قد خسرت قلب راداميس إلى الأبد…

وبين الحب والحرب تغيب النبؤات ، وتتوه في صحرائها القاحلة قافلة الأمل حين يعود راداميس منتصراً وترى عايدة بعينيها والدها أسيراً يساق كالعبيد …  
يقف القائد  بين يدي فرعون، متهللا، فخورا بالنصر العظيم..
مستبشرا بما سيأتي على لسان الملك رمسيس الذي سرعان ما أعلن عن مكافآته قائلا:..
نهنئ أنفسنا بهذا النصر العظيم أيها المحارب الشجاع والآن وبكل سرور أعلن بدء
 مراسم زواجكما أنت وابنتي امنيريس … ولم يكن فرعون يدري ان سحابة عشق مجنون باتت تظلل قلب قائد جيشه المظفر وأن في الحرب  ثمة مرايا كثيرة تعكس أحوالاً لا تبصرها العيون إطارها فسيفساء ألم ودموع، فرح لقاء، وعذاب حب يولد من رحم العداء، وسؤال حائر يطوق شغاف القلب يبحث عن أي نهايات قد يبشر بها هذا النوع من الحب ..
وما من شيء في رحم الاجابات 
ما من شيء سوى نبضات ذنبُ عذبُ جميل





طقوس الفرح
 يلملم النصر كسر الفرح الأخيرة في قلب رادميس وعلى سلم مجد مكسور يصعد إليه فيتجعد ماء الزمن المقتول في عينيه كلما اقترب منه أكثر مصير حبه المحتوم بينما تجري في  معبد ايزيس الإستعدادات على قدم وساق للإحتفال بزواجه من ابنة الفرعون وبين الفينة والأخرى تعلو الأصوات الجميلة مرددة عبارات تليق بهيبة المكان :
أيتها الشمس ارتدي ثوب الفرح وتألقي بزينة الحياة لأنك هبة الروح الخالدة التي أشرقت علينا من قلب إيزيس 

تم اطلاق سراح الأسرى كما طلب راداميس كمكافأة له من الملك  
لكن هذا لم يكن كافياً لانقاذ حبه ففي مكان قصي من المعبد
آخر الوصايا

من ملك مهزوم إلى ابنته العاشقة:


  عايدة
…ابنتي…
عايدة : نعم يا أبي
آموناصرو:أواثقة أنتِ من حب راداميس ؟؟
عايدة:نعم، وأدرك أبعاد موقفه في حال رفض الزواج وخرج عن طاعة الملك
آموناصرو: عايدة،اسمعي ما سأقوله لكِ جيداً ما الذي يمنعك الآن من خدمة وطنك؟؟ فمحبة راداميس لك  فرصة لن تتكرر وقد تمكننا من معرفة بعض الأسرار الحربية ..
عايدة :لا، لا أستطيع .. لا يمكنني أن أخدع راداميس وبيننا عهد حب يا أبي
آموناصرو: لكنك تحبين وطنك أيضاُ أليس كذلك؟
عايدة :…أبي أرجوك لا تجعل من ايقاع تلك النبضات التي أعادت لقلبي اعتباره فحيح خنجر مسموم
آموناصرو:عايدة… مستقبل وطنك أهم من راداميس
عايدة: لقد فهمت 
يا أبي،سمعاً وطاعة …
 يلتقي الحبيبان تحاول عايدة اقناع رادميس بالهروب إلى الحبشة فالحرب ستقتل حبهما لا محالة لكن رادميس رفض ذلك قائلا بأنه سينتصر في معركته القادمة بكل تأكيد  مشيراً إلى الطريق الذي سيسلكه في معركته القادمة ضد الحبشيين ..
فجأة ظهر اموناصرو ملك الحبشة الذي كان مختبئا خلف جدار في المعبد معلنا عن هويته الحقيقية وهوية ابنته التي أخفتها عن المصريين طيلة مدة مكوثها في الأسر.. لم يتمالك راداميس نفسه فصدمة كهذه كانت أقوى من أن يحتملها قلبه المحارب مدركاً أن 
لا شيء يمكنه أن يمحو عن جبينه وصمة الخيانة ولا مناص له من ذلك إلا بالهرب لكن سوء حظه أراد أن تكون العروس امنيريس  حين سمعت حديث المعبد دون أن ينتبه إليها أحد طرفاً خفياً فيه جعلها تخوض صراعاً مؤلماُ  بين واجبها تجاه وطنها و رغبتها الشديدة بالإقتران برجل عظيم كراداميس ..، 
لكنها سرعان ما ترجلت عن حيرتهاوذهبت للقصر مسرعه لتخبر الملك بخيانة خطيبها..



إعدام *(3)
غضب لم يزر محيا الملك رمسيس  منذ فترة طويلة، جعله يبارك فوراَ تطبيق القانون الفرعوني وهو الإعدام ،فهذا جزاء من يفكر في خيانة وطنه…
يستسلم راداميس لراية الإعدام، ويسلم نفسه بهدوء لجلاديه فهو يدرك أن ما قام به ليس خيانة بالمعنى الذي أعلنه فرعون أمام رعيته
فالحقيقة أن في قلبه نوعان من الحب لا يلتقيان
 ولا يتساويان
بل يجب أن يعيش أحدهما على حساب الآخر 


الأمنية الأخيرة
امنيريس:راداميس حبيبي أرجوك عد إلى رشدك
سيعفو أبي عنك إن ابتعدت عن عايدة
راداميس: لا فائدة من كل هذا الحديث لن أقوم بشيء حيال ذلك … اتركيني وشأني امنيريس
امنيريس :عايدة لا تحبك صدقني ، هروبهاالآن ليس له إلا تفسير واحد وهو أنها لم تحبك يوما بل كانت تخدعك! ..
راداميس:أنا لا أصدق سوى قلبي وقلبي يخبرني أنها تحبني كما أنها قطعة من روحي وروحي لا تكذب  ..




في القبر

  مراسم الإعدام، ولون الحداد الحزين يغطي وجه اليوم في منف
تم تجهيز قبر "راداميس" وبات واضحا للعيان أن  قرص الشمس لن يغادر المدينة  قبل أن يلتهم جسد القائد الشجاع حيا…
طقوس دينية لحفظ (البا)
*(4) و (الكا)* 5) ، و بكائية تليق برجل رفض الحياة واختار الموت من أجل  عايدة
وحكمة تظهر على ملامح المتفرجين قائلة : إن بين ما يجب علينا القيام به وما نرغب به تجربة الموت….

يتم انزال "راداميس" حياً إلى القبر…
صمت وظلام رهيب
قرر راداميس بينه وبين نفسه أن يلتزم الصمت في القبر احتراما لموته! 
لكن صوتٌ ملائكي ملأ القبر بالحب والوفاءجعله يوقف تنفيذ القرار
الصوت المجهول : هل تشعر بالوحشة أيها القائد الشجاع ؟؟
لا تخف؟؟
لن ننتظر الحرية طويلا 

فغداً سوف نحلق كالطير في سماء الأبدية 

ونحيا سويا في أرض السعادة الخالدة …

راداميس وقد تملكه الاضطراب: من أنت ، من معي في قبري؟؟
الصوت المجهول : أنا عايدة…
راداميس: مستحيل ,,,من عايدة؟؟!!
عايدة : عايدة الهاربة من حكم الموت إلى حبك….


________________________________



*(1)في حضرة الحب الفرعوني…هي  رؤيتي المستوحاة من أوبرا عايدة للموسيقار الإيطالي فيردي  والتي  ألف قصتها ميريت باشا عالم المصريات الفرنسي، ،وتم عرضها لأول مرة  علي مسرح دار الأوبرا القديم بالأزبكية في 14 ديسمبر 1871 ،


 *(2) الناووس:صندوق يحتوي على إله أو رفات الشخص المتوفي مكان يكرس لذكرى شخص متوفي

ْ *(3)من الجرائم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام في مصر الفرعونية : القتل و سرقة المقابر ،عدم إفشاء مؤامرة ضد الفرعون، عصيان أوامر الملك، قتل الحيوانات المقدسة. العبث  بالمقدسات.الاغتصاب السحر ،التصريح بالكذب عن الموارد المالية.عدم إغاثة من تعرض لهجوم قطاع الطرق. الحنث في اليمين.



*(4) البا : تعرف البا في فى الدين المصرى القديم بأنها عنصر الحياه في الإنسان وهي (الروح)

* (5) الكا :: قرين الجسد عبارة عن شبح غير مرئي له شكل الإنسان يعتقد الفراعنة بأن بقائه على قيد الحياة مرتبط ببقاء الجسد سليما لذا كان الفراعنة يقومون بتحنيط موتاهم



عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...