الأحد، 21 فبراير 2010

محمد علي باشا و أضغاث حلم عربي

   
محمد علي باشا و أضغاث حلم عربي
بقلم: رولا العمر

حتى تكون هناك باشوية لمحمد علي في مصر كان عليه أن يتخلص من المماليك بالتعاون طبعا مع الإمبراطورية العثمانية والمصريين الذين وجدوا فيه الرّجل الداهية الذي سيصعد بمصر الحرة المستقلة والطموحة إلى حياة أفضل .
تم لمحمد علي ما أراد في سبيل التخلص من المماليك بعد مذبحة القلعة عام (1811) بل واستطاع أيضا بخطوته الجريئة تلك أن يمتلك ما يحلو له من أراضي مصر ويحتكر من خيراتها ما يرغب به فيما بعد.
فقد أصبح صاحب العصمة بمباركة الجميع!
والعثمانيون هنا وهناك يخمدون ثورة للوهابية في الجزيرة العربية ثم يذهبون مسرعين لإطفاء نار ثورةِ يونانية عارضين جزيرة كريت مكافأة مؤطرة بالذهب العثماني لفارسها المحبوب محمد علي باشا, والباشا ينفذ بكل إخلاص .
كلّ ما قيل  عن محمد باشا منطقي ومألوف في عالم السياسة لكن ما يثير العجب أن نفس الشخص الذي يحقق حلم الحرية ويؤسس الدواوين وينظم قطاعات الدولة بطريقةٍ آخاذة هو نفسه السلاح المستخدم لقمع الثورات والحريات في مناطق أخرى كانت تحلم حلماَ مشروعا كحلمِ المصريين…!!
وأنا عليَّ أن أكمل فالسير مع الباشا ممتع جدا  فهذا الرجل ستحبه بالتأكيد ؛ لأنه عرف كيف يحب مصر و يصد الباب  في وجه  كل مستعمر طامع  لكن هل أحب غيرها أو بالأصح معها؟؟
الشام …  العذراء الجميلة والتي بدأت تسترق النظر بخجلِ يذهب العقل لحلم محمد علي .
فجزيرة العرب والسودان الغني واليونان موطن الحكمة والعلم تحت حكم الباشا ولم يبق لتحقيق الحلم سوى الشام والعراق !
فهل تصمت الدولة العثمانية أمام توسع محمد علي المتوقع لتكوين مملكة عربية متحدة من مصر إلى العراق؟!
العثمانيون لم يأتوا بجديد بل انتهجوا ذات السياسة وهي قمع وخنق أي صوتٍ مستقل أو معارض لكن هذه المرة حشدت الدولة العثمانية قواها  لصد جيوش محمد علي  
وولديه أحمد وإبراهيم .!
السير مع الباشا ممتع ألم أقل ذلك؟ فقد بدا واضحا حلم الباشا بتأسيس دولة موحدة تجمع العرب بعناصر وحدتهم تحت رايته!
رغم أن الباشا لم يكن عربيا ومع أصوله الغير مشجعة حلم ذلك الحلم دون اكتراث بتكاليفه الخيالية والذي حول الباشا إلى رجل خطر ، وعندما نقابل شخصا بخطورة محمد علي وبعد نظره حينها  لا يمكن لنا أن نعرف أو نخمن الخطوة التالية التي يمكن أن يقوم بها !
في عام (1828) لم تعد العلاقات بين الدولة العثمانية والباشا كما كانت في السابق فقد جرحت  (لا) التي قالها الباشا في وجه السلطان العثماني مشاعر الأستانة  عندما طلبت العون  منه أثناء حربها مع روسيا.!
فانقلب الحال وصاحب الحال وأصبحت الدولة العثمانية تنتظر أقل حركة تمرد من محمد علي لتنقضّ عليه هي والخائفين على مصالحهم في الشرق !
والباشا أسير خياراتٍ ثلاث :
خيارٌ فرنسي يعطيه الحق بتأسيس باشوية وراثية في مصر على أن يبقى تحت سيطرة الدولة العثمانية .
خيارٌ بريطاني متشدد يصطدم بقوة بحلم محمد باشا بتأسيس المملكة العربية المتحدة.
وخيارٌ ثالث متقلب مزاجي وهو للدولة العثمانية .
والجميع يشعرون بالضيق والإنزعاج من الوالي ،
والأرض العربية منكمشة تحتضن ذراعيها بخوف ولا تعلم متى سيتم انقاذها .
والباشا بعد معاهدة لندن (1840) يخرج صارخا بلهجته المصرية التي أعشقها: (خلاص ياجماعة أنا عايز مصر لوحدها بس سيبوني أتكلم … بس أتكلم).


تغزو النفس رغبة
تبدل الماء بالدماء نخبا …


عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...