السبت، 31 ديسمبر 2022

كل عام ونحن معًا

 

تجتمع خيرات السّماء والأرض:
 في المطر، وينابيع اللغة، وبين يدي الشوق،
وفي صحوة الإحساس، وعظمة الأخذ والرد بين سحابتين متجاورتين أشعل البرق فيهما وبينهما جذوة العشق. 
وعندما يبوح لي صوتك بسرّ طلتك المبتسمة...  
ويقطف لي من جنّة قلبك عبارة " كلّ عام ونحن معًا" لتطوف حول القلب كالأغنيات، وتعيش المشاعر في لحظتها الخالدة مجدها المستحق...
تلك العبارة المتناغمة التي لا تكلُّ الرّوح ولا تملّ عن ترديدها، ذات الحَظّ الجزيل من الإنسجام الذي يجعلني أذهب من ذاتي إليك..
 ومن سكون الحياد إلى صخب ذلك الجزء الضائع مني في انتظارك...
والذي أجده فيك ومعك... 
وكيف له ألّا يتحقق بحضورك... 
وأنت من تعلمه بظاهره وباطنه..  
وفيه اسمي الممزوج بلهجة البحر... 
وتاريخ ميلادي المصقول بحقيقة عينيك... 
وارتقاءات الكلام ومدارجه... 
وملامح روحك الأنيقة المرسومة على كلّ صمتٍ ومقال..  
والموسيقى التي تجعل إيقاعات الكون في قلبي تهبط وتعلو كنارٍ متقوّمة بالألفة ووهج الحكاية..
وعمق أنثوي يحررني من سطوة آلات الوقت والزمان... 
فإذا ما تخاطب القلبان، واشتعلت النبرات... 
واقترنت رغبات الخير والصحة والسعادة بحروف اسميّنا التائقة إلى ضيائها واتقادها وجنونها... 
تبسّم العام الجديد بملء إرادته... 
وتلاقت فصول العمر...
كما العناق. 
كما الصدق الذي يحررنا من قيود الغاية وينأى بنا عن تيارات المستحيل. 
إلى استدارة حنين تسحق غطرسة الزوايا الباردة في الذاكرة... 
وفرح آتٍ من عينٍ صافية لا يترسب في قاعها طين الضجر والكآبة. 
إلى عفوية خاطرة استحالت على الشفاه جوهرًا أثيريًا. 
وثقة تعيد إلى الأحلام ألقها التنبؤي..
 ثم مسارات حبٍ يرسم بزخم أسطوريته وجودًا عاكسًا للضوء، للعيد، للاحتفال،
لكلّ هذا الجمال الكائن حيث تكون أنت.. الحبيب، والدليل، والرفيق، والقلب المحب الفطن المتيقظ....

الأربعاء، 16 نوفمبر 2022

في منظور الوقت المناسب


 
لا شك أنَّ للحقائق التي يستخلصها الوعي من خلال تأمُّل الظَّواهر والصُّور والنَّظريَّات والفرضيات الكوْنيَّة التي يمتزج فيها الواقعيُّ بالاحتمالات الممكنة، فاعلية مهدئة ومهذَّبة للنَّفْس لا تنافسها فيها أيُّ تركيبة بلاغية أو علاجيَّة أوجدتها الظُّروف البشريَّة على مرِّ العصور.
حتَّى وإِن كان مدى الرُّؤية في هذا المجال أَشبَه بخيطٍ رفيع جدًّا لا يتجاوز حجم الإبرة التي دائمًا ما تستفزنا إلى البحث عنها في كلِّ كومة قشٍّ تُصادفنا.
فإِن ذلك لا يُنقِص شيئًا ممَّا نَرَاه ولا يُناقِضه، بل يُعطِيه قِيمة أَكبر، سواء كان من خلال نماذج رياضية تصف خصائص هذا الكون الخَلاَّب، أو صورة واقعية من متحف الكوْن، وأرشيفه الضوئيّ تخبرنا بما هو حقيقي حوْلنا!
فَتَأمَّل معي إِذًا تلْك الخِفة المسْتحيلة!
فالْكَوْن المرئي يا صديقي يَطفُو على محيط مِن الرَّهْبة، أَسرار عمْلاقة تسبَح في مادَّة لا مرئية، لا تستطيع عيوننا المجرَّدة فكَّ غموضها.
في المقابل سيُعْجِزنا الضَّوْء القادم إِليْنا عن رُؤية حاضر هذا الكون والإحساس به.
كما النجوم التي تظلّ في مَنظُور مُراقِب على الأرْض، متلألئة برشاقة الماضي كأنَّها فِي زُرقَة شبابها.
بينما هي في مكانها الواقعيِّ تقاوم بزيادة تفاعلات القلْب ما اعترَى غلافها الخارجيّ مِن برودَة واحمرار، والذي بدوْره يبدأ بالتَّمدُّد للإفلات من ثقلٍ جاذِب، وتأجيل انهيارٍ حتميّ إِلى الدَّاخل.
ورغم أنّها ليست في حِرْزٍ حريز من الفناء وتداعياته، إِلَّا أَنّها تُوَاصِل الانْدماج؛ لتظلّ ظاهرة سماوية تُنتج الطَّاقة وتبدُّدها في الفضَاء.
ولتأْخذ كلَّما تَطلَّعَت إِليْها العيون ليلًا أماكنها المعتادة، كنقاطٍ ساطعة ومتوهِّجة على صفحة السَّماء.
كلُّ ما هو حولنا مثير للدَّهْشة ويستحقُّ التأمّل والمتابعة؛ لإدراك الصُّورة بكامل تفاصيلها المبهرة، ودقائقها البديعة..
لكن بتَأنٍّ وحذَّر وعلى رؤوس الأصابع؛ كي لا يمسّ وعينا شيءٌ من عدائية الكويكبات والنَّيازك، تلْك الصُّخور المثْقلة بالميِّت من معادن الكوْن وعناصره، عنْدما تَتَصادم بعشوائيَّة، أو تتساقط  كأنَّها شراذم مُتناقضة.
وهكذا، حتى تعانق عقولنا أولى المشاهد القادمة إلينا من بداعة تلك الحركة الدَّؤوب في مداراتٍ تتجه رغم التَّغْيرات نحو الانْتظام والثَّبات.
ويتلاشى خوفنا كلّما تقدمنا بوعينا أكثر، ووصلنا إِلى فهم هذا التوازن المذهل بين الحالة الثابتة من السقوط الحرّ في مجال جسم آخر، والسرعة المناسبة التي تتشكل بها المدارات حوله.
والتي اتضحت واستقرت في أذهاننا أخيرًا بمفهوم "الجاذبيَّة".
فمن نظرياتٍ ثورية، وقوانين أَولية حسمت الخلاف القديم لصالح مركزية الشَّمس، ووصفت مدارات الكواكب الإهليجية حوْلها. لتأتي بناءً عليها قوانين نيوتن في الحركة والجاذبية، أو ما يتم اعتباره الآن 
(تفسيرًا ميكانيكيًا أو كلاسيكيًا).
والذي يرى أنّ الأجسام الساكنة تبقى في حال السكون، ولا تبدأ في التحرك تلقائيًا.
كذلك الأجسام المتحركة في الفضاء، تبقى مستمرة في الحركة بخطٍ مستقيم، بنفس السرعة، وإلى الأبد ما لم تؤثر بها أي قوة خارجية.
لكن وقوع الكواكب تحت تأثير جاذبية الشمس التي تجذبها نحوها، يجعلها تتحرك في مدارات دائرية تقريبًا حولها.
بينما تبقى مستقرة في مساراتها تلك بفضل قوَّتين متعاكستين ومتساويتين: الأُولى الجاذبيَّة ومركزها الشَّمس، والثَّانية قوَّة القصور الذَّاتيّ للكوكب.
لكن المفاهيم تتغيَّر كلّما ظهرت التَّناقضات بين التَّنبؤات الحسابيَّة والملاحظات الرَّصديَّة.
حيث كان كافيًا عدم تطابق معدل الانحراف المرصود في نقطة "الحضيض الشمسي" لمدار كوكب عطارد، الكوكب الأقرب إلى الشمس، والأكثر تأثرًا بجاذبيتها، مع القيمة النظرية التي تمَّ احتسابها بقوانين نيوتن؛ للتأكد من أنّ فهمه لماهية الجاذبية بحاجة إلى المراجعة والتصحيح.
 ولينتهي التناقض أخيرًا بين يدي النَّظريَّة النِّسبيَّة العامة التي قدمت تفْسيرًا منطقيًا ودقيقًا لهذا الانحراف.
فالجاذبية إذًا ليست قوَّة بالمعنى الكلاسيكي، تعمل بشكل مباشر على مسافة بين جسمين، في زمن مطلق، ومستقل عن أيّ مدرك، ويتقدم بوتيرة ثابتة في جميع أنحاء الكون.
بل قوة تصف التفاعل الناتج بين كتلتين
وما نختبره كجاذبيَّة هي خاصِّيَّة هندسية للواقع الرُّباعيِّ (الزمان والمكان ) والذي تتحرَّك فيه الأجسام السَّماويَّة، وتتسبب كتلتها وطاقتها في انحناء أو تَشوّه نسيج الزمكان المحيط بها.
مما يعني أن الجسم حين يسير في خطٍّ مستقيم، أي يتبع أقصر مسار بين نقطتين وفق منظوره الخاص لكن عبر مساحة منحنية في الزمكان؛ فإن هذا يجعله يبدو لنا كأنه يسير في خطوط منحنية، ما يعطي إِحساسًا بأنَّ الأجسام تنجذب إِلى بعضها البعض.
حتى الضَّوْء الذي ليس له كتلة، وينتقل دائمًا في خط مستقيم وبسرعة ثابتة، سيتبع المسَار المنحني للزَّمكان أثناء مروره في مجال الجاذبية للكتل الضخمة لأن لديه "طاقة وزخم"، ويعرف هذا التأثير باسم "عدسة الجاذبية".
وما تخبرنا به النسبية أيضًا أن الزمن المتشابك مع المكان كبعد رابع يتبع إيقاعًا نسبيًا.
أي أنّه يتدفق بمعدلات مختلفة في منظور أشخاص مختلفين اعتمادًا على معدل تسارعهم، فكلما زادت السرعة، أو اقتربنا من مركز الجاذبية، مرّ الوقت بشكل أبطأ.
ومع التَّسليم بأنَّه لا توجد نَظريَّة صحيحة مئة بالمئة، أو لم يعترِها النَّقص والارتباك أَثناء تفسيرها لقوى الكوْن، يظلّ الأمر المثير للحيرة والدّهشة حقًا، هو أنّ النظرّية النسبيّة التي تصدّت لِفَهم الكوْن في أبعاده الكبرى كالنُّجوم والْمجرَّات، لا تتوافق مع ميكانيكا الكم، الدِّعامة اَلأُخرى للفيزياء الحديثة، والتي تبحث في أَصغر أبعاده: كالجزيْئات والذَّرَّات والدَّقائق تحت الذَّرِّيَّة حيث تتناقض مع النسبية بمفهومها المطلق للزمان، وواقعها الذي يعجّ بالاحتمالات التي لا يمكن تفسيرها أو التنبؤ بها؛ لشدة غرابتها
لكنَّنا في كوْنٍ تتكامل فِيه الأضداد، ولا يضطرب ويختلُّ نظامه بِالاستثناءات.
وكأنَّ تلك الاسْتثنائيَّة هي مُتَنفسٌ لكلِّ جرمٍ في هذا الكوْن، وعلامته الفارقة.
فإذا ما انتَّوينا البحث بعيون عقولنا عمَّا يُتمِّم دهشتنا؛ فلن نَجِد ما يجعلنا نتخطَّى كوكبنا  بكل ما يحويه من الظروف الملائمة للحياة والعناصر اللازمة لها، وما نعلمه وما لا نعلمه من بدائع المخلوقات، والذي يتألَّق تميُّزًا بالقصة الفريدة لكلِّ حيٍّ يتنفس، ويزداد جمالًا بصلواتنا، وأفكارنا الخالدة، وتعاطفنا التِّلقائيّ.
أرضنا التي إن ضاقت مرة في تصور من اتخذ "قلة الصبر" حلًا وسبيلًا، أو غصَّت مرات عديدة بالانفعالاتٍ اللحظيّة التي تستعجل النهايات الحاسمة، وتنسحق بفعلها سعادة النفوس في صراعات مريرة وشرور ثقيلة.
فإنها تتسع على امتداد الكون في عيون الملْهمين من أبناء الحياة –بفتح الهاء أو كسرها– الذين تسري في عروقهم حرية الروح والفكر، فتملأ قلوبهم بنبضات إرادة أصيلة تدفعهم إلى التعمّق وعيًا وعلمًا، والعمل بمهارة تفوق كل نمطٍ وتقليد..
وهنا، لا بدّ أن يقفز إلى أذهاننا سؤال مشاكس وهو: إلى أين يمكن أن تصل نبضات وجودنا المسافرة بالموجات الراديوية في الفضاء الشاسع، بحيث تتمثل صورة كوكبنا كاملًا، في تمام إشراقته كما يكون "قمر الحصّادين" في الخريف؟!
لكن سؤالًا كهذا، تعبق فيه مركزية الحياة وسط مسافات هائلة لا تستطيع عقولنا المحدودة استيعابها، سيظلّ دون أدنى شك بلا إجابة..
وربما علينا الاكتفاء عنه بهذا السّكون الغامر حولنا

وفي الواقع ليس مهمًا أن نعرف إلى أين.
حقًا لا يهم ذلك، وحاضرنا معنا، كعصفور اليد.
المهم أن نهتم بأرضنا، ونحافظ عليها.
أن نحب بلا حدود...
نصحح أخطاءنا، ولا نؤذي بعضنا بعوادم حضارتنا.
أن نتقدم في مسار الزّمن بما يليق بقيمة حياة يفتقدها كوننا المنظور!
إذ مهما تعاظمت وتعملقت ذخيرتنا من قوى الكون وأزمنتة ومادته، فإنّها في حسابات الكتل والمسافات تكاد تضيع وتختفي إذا ما تمت مقارنتها
بامتداد شعيرة شمسية عالقة في مجالها المغناطيسي!.

________
*صورة تبين فرق الحجم الهائل بين البروز الشمسي وكوكب الأرض.


 

الخميس، 6 أكتوبر 2022

هذا الحب... وتلك القُبلة على الجبين

 

 
دون إعادة التفكير، أو التردّد لحظة. 
كنت دومًا أصفهم - هم ومن ماثلهم- بالغرباء.
 فالحقيقة أنَّني منذ بدايات الوعي، 
لا أتبع سوى تلقائيّة روحي. 
تلك النائية بحريتها وسلامها عن اتجاهات التعقيد التي تبدّد نقاط الاتِّصال الحقيقي.
  والبعيدة كل البعد عن صخب المظاهر المشبعة بالتَّكلُّف والتَّصنُّع، حيث تقع مبادىء العقل والقلب في تضادٍّ مخيف...
غرباء... 
وليس لديَّ أَدْنَى شكٍّ في اِسْتمراريَّة ذلك .. 
إذ لم تكن الغرابة في مرورهم العابر على ثُكْنَات القلب، ومغزى الكلمات، في ظرفيَّة لم ولن تكون لصالحهم أبدًا، حيث كان ذلك في حضور سيِّد القلب "أبي". 

إنّما فيما يحملون من "عجائب" وجهات النظر، والتي تعكس بدقة سطحية التفكير والاستنتاج لديهم، وقد تَرَسَّبَتْ جميعها من طباع وأذواق فظة وغليظة في كلامهم الْمُوَجَّهِ لي.

عندما ضجَّت مفرداتهم بنبرة متخمة بالسّماجة والعتمة قائلين: 

"سيأتي الوقت الذي تدركين فيه، أن التَّعبير بِأبْجَدِيَّة الحبِّ، والتغني بمضامينه ومعانيه، ليس إلا سِمة وهمٍ زائل.! " 
 نعم، كان هذا ما تراءى لهم، وأعلنوه صراحة، وعمَّموه كقاعدة لِلتَّعبِير وَالتَّشْكيل لا تقبل الاستثناء؛ ليصبحوا غرباء. 
وما زالوا يتبعون السَّبب الذي صار به كلّ ما يقولونه بلسان تلك التَّقْليعَة الغريبة والمزعجة في التَّفكير لا يتعدَّى لحظته الأولى.. 
إذ أنها لم تستلم من الوجود إلا صداها.  
وقد غابت ملامحهم، وتلاشت تمامًا مقاصد كلامهم من ذاكرتي بمرور الْأَيَّام...  
لكن لم تغب تلك الواثقة، العارفة بمكنونات القلب، المؤمنة بِإِيجابيَّة الحبِّ وآصالته في هذا الكون. 
والتي لأجلها أتذكّر. 
ألا وهي ابتسامة أبي الماسيَّة التي لم تفارق وجنتيه حتى في أثناء ردّه عليهم.  
حين قال لهم ببساطة لا تنثني.. 
وبديهة ساحرة لا توازيها ظنونهم مهما حاولت وارتقت: 
وهل يحيا الإنسان، ويستقيم حاله بلا قلب يتوسط كيانه!. 
وكيف يتحقق له العيش كما يجب، مِّن دُون نبضٍ حرٍّ يتجذَّر في أعماق وجدانه! 
هذا ما قاله أبي فقط، بينما كانت نظراتهم الهاربة من وجه الحقيقة تحدّق في العدم..  
وكنت أنا..  
أتنفس الشّعور من قلبه النَّقِيِّ قوَّة، 
ثم أحرقها حبًّا على جبينه الدُّرِّيّ حين أقبِّله ♾️

الأحد، 11 سبتمبر 2022

التشاؤم في أفضل العوالم الممكنة

 

 هناك اعتقاد شائع بأن التّيقُّظ والتفاؤل
 لا يجتمعان لذات واحدة في نفس الوقت.! 
أو أنّه كلما اتسعت مساحات الوعي والإدراك، زادت تعاسة الإنسان وتفاقم شقاؤه.  
إذّ أنّ التفاؤل في عالمنا المضطرب يا سادة يا كرام "جهلٌ مزدوج" وشكلٌ من أشكال الوهم.!  هذا ما يُرَدِّده أصحاب هذا الاعتقاد مع كلّ مناسبة، أو حادثٍ يؤيد وجهة نظرهم تلك عن التفاؤل.!  
وبالمقابل هناك من يرى أن التّشاؤم وأعراضه المرهقة للرّوح والبدن مرضٌ يستوجب العلاج والتداوي.  
ولأن هذا الانحياز التأكيدي أو الانتقائي مغالطة منطقية لا تغتفر عند كل ذي رأيٍ سديد... 
كان لا بدّ من إلقاء التّحية على جموع المتشائمين والمتفائلين دون استثناء، والذين بالطبع يزداد أو يتناقص عددهم حسب تبدّلات الظروف والأحوال.  
ثمّ إمعان النَّظر في هذين المفهومين، من خلال أشهر موقفين متعارضين، أو بوصفٍ أدق "مختلفين" تناولا هذه المسألة نقديًا وفلسفيًا. وهو ما يعني التمركز في منطقة وسط بين تفاؤل الفيلسوف "لايبنتز" ، ورواية الكاتب الفرنسي ڨولتير "كانديد أو التفاؤل" التي كتبها عام ١٧٥٩ والتي تستحق بالفعل التوقف عند كل تفصيلة وردت فيها. 
لكن ليس قبل أن نتوجه بانتباهنا إلى نظرية الفيلسوف والرياضي الألماني "غوتفريد لايبنتز " الخصم الفكريّ  لڨولتير في روايته الشهيرة.. 
حيث يقول هذا الرّجل الموسوعي بثقة يدعمها "اليقين" الملازم لكل فكرٍ رياضيّ: بأنّ "كلُّ شَيءٍ سيَسيرُ إلى الأَفْضل في أَفْضل العَوالم الممكِنة."  
و"العالم كلٌ متناغم" وهو كما يشرحه لايبنتز عبارة عن "ذرات روحية" متناغمة في نظامها وتنوعها. 
وتلك الذرات أو العناصر أطلق عليها لايبنتز اسم "المونادات".  
والمونادة (μονάδα) أو (μονάς) في اللغة اليونانية القديمة والتي تعني وحدة/ تفرد. 
هي وحدة روحية، أو جوهر بسيط، يدخل في تكوين المركبات "الأجسام"، وهذا الجوهر البسيط، لا يمكن تصوره إلا بالفكر وحده، غير مادي، لا شكل له، ولا يتجزأ، ولا يفنى ولا ينحل، ويحمل مبدأ تغيره في ذاته.
إذًا فالطبيعة كلها ممتلئة بالحياة، والمونادات تدرك الكون بأكمله باستمرار من وجهة نظر أو زاوية خاصة بها، مثلًا النفس "وحدة" الجسم، والجسم وجهة نظر النفس. 
فهي إذًا مرآة للوجود، والتي تنعكس عليها صور كل الأشياء؛ وذلك لكونها متصلة، وتعمل بتناغم؛ والذي مرده إلى انسجام أزلي مسبق وضعه الخالق فيها. 
لكن ڨولتير، لم يرَ الأمر بهذه الطريقة. ولم يقتنع بأن "كل المعاناة البشرية هي جزء من خطة كونية خيرة ". 
وهذا ما سنجده في كلّ فصلٍ من فصول رواية "كانديد"، الشاب الساذج الذي تربى في قصر خاله البارون وتلقى تعليمه على يد "بانغلوس" أستاذ الميتافيزيقا الذي يؤمن بالتفاؤل، وأنّ ما يحصل لنا دائمًا هو الأفضل. 
وهذا بالطبع في نقد ساخر، واضح، وصريح لأفكار "لايبنتز".  
فهم سطحي لفكرة مجرّدة يواجه بها كانديد وحشية العالم الخارجي بعد انكشاف أمر عشقه لإبنة البارون "كينوغيد"، وطرده من قصر البارون. أجمل القصور وأروعها على الإطلاق كما كان يصفها الأستاذ "بانغلوس".  
وهذا كي يتجلى لنا بتلك البداية التي اختارها ڨولتير بعناية؛ ما في العالم من سوداوية وبشاعة.. 
وليأخذ كانديد إلى مواجهة تخلو من  أبسط الصّفات الإنسانية السّوية، ونتابع بقلق وأسف تصرفاته وهو في أصعب الظروف عندما يكون محاربًا بائسًا في حرب عبثية، جائعا، مفلسًا، مطرودًا، مشردًا بلا وطن وبلا هدف ولا غاية، أو قربانًا في طقس غرائبي لدفع الشّرور والكوارث كالزلازل والبراكين. 
عنفٌ متبادل، قتل، وفوضى، وغياب كامل لروح العدالة، وصوتها في الضمير.. 
لا سيَّما أن الفترة التي تمت فيها كتابة "كانديد"، كانت قد شهدت أحداثًا تنوعت فيها الشّرور، وتكثفت بسببها المآسي بشكل مفزع. 
فهناك زلزال لشبونة المدّمر عام ١٧٥٥.
ثم حرب السنوات السبع التي بدأت عام ١٧٥٦ والتي اشتركت فيها معظم دول أوروبا. 
فكانت من حيث ما تركته من أثر قوي وصادم في نفوس الناس بشكل عام، وڨولتير الناقد الساخر بشكل خاص؛ دافعًا للتساؤل والبحث أكثر في ماهية الشّر، وجدوى وجوده.
لكن أكثر ما كان لافتًا للانتباه أثناء القراءة، وشدني بعيدًا عن العنوان الكبير  "التفاؤل" وما توقعت مقابلته في خانتي الضدّ والنقيض، وحتمًا سيكون التشاؤم، ورؤية وتوقع الأسوأ..  
كان الأسلوب الذي استخدمه ڨولتير  في سرد الأحداث العنيفة والسيئة. 
إذ لم تفارق الرّواية لحظة تلك "اللامبالاة" التي كانت جاثمة على صدر الكلمات كالكابوس. وذاك البرود الكئيب في تداول الحكايات بين الشخوص. 
فليس المهم هنا إثبات التشاؤم كأولوية وحقيقة لا مفرّ منها في هذا العالم الممتلىء بالشرور والتعاسة والنقص والحرمان.  
بل التركيز على شيء آخر!  
أسوأ وأشدّ فتكًا بروح هذا العالم وانسانيتنا.. 
كان ذلك واضحًا وجليًا، وتحديدًا في جزئية العاصفة قرب مرفأ ليشبونة، حيث طغت "ثيمة اللامبالاة" على كلّ شيء: سلوك الركاب على تلك السفينة المشؤومة، وردود أفعالهم غير المتوقعة، ووصف الأحداث والنهايات المأساوية المفجعة. 
وهي متَّسِقة تمامًا مع حالة الذهول والصدمة التي سيطرت على ذهن الشاب المسكين، ومعلمه الذي كاد أن يموت شنقًا وحرقًا في احتفال مجنون، بينما نجا كانديد من تلك التجربة الفظيعة بمعجزة. 
وعندما تبين لي أيضًا أن سبب عذابات كانديد الشاب الذي منحته الطبيعة الطّباع الأشدّ وداعة، لم يكن حسن الظن بالبشر، واعتقاده بأنهم جميعًا طيبون وأخيار...  
بل عندما اعتادوا أن يكونوا غير آبهين، بما فيهم كانديد ومعلمه، بانعدام دورهم في توجيه دفَّة الأحداث نحو الأفضل، والإفراط في التقبل السّلبي لكل ما يتناقض مع فكرتهم عن هذا العالم، وكأنها حياة محصورة بالزوايا والهوامش. ! 
إلى الحد الذي يمكن فيه القول: بأن ڨولتير لم يكن معنيًا كثيرًا بالمقارنة بين الضدين التشاؤم والتفاؤل، أو البت في أيّ من هذين المفهومين يجب أن تستند إليه تصوراتنا عن هذا العالم. قدر عنايته بانتقاد كيفية معيّنة لاستخدام التفاؤل الفلسفي في تبرير الشّر والمعاناة في هذا العالم.
والسؤال الآن، بعد ما شهدته العين من مآسٍ؛ ولاذ القلب بظلال الخيبة والقلق؛ لمن سيعطي ڨولتير  دور "المايسترو" كي يضبط كانديد برفقته رتم حياته..؟!  
معلم جديد يعلمه كيف يكون متشائمًا، ولا يبرر المعاناة مهما كانت الأسباب ؟!
 ربما... 
ثم يؤكد له بأنّ كلّ شيء في هذا العالم وهمٌ أو مصيبة، ولا حلّ لذلك، ولا مفرّ منه إلا بالعمل، وبدون إشغال الذّهن بأيّ أمر آخر، لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تجعل الحياة محتملة.. 
أقولها بقلبٍ مطمئن : لا بكل تأكيد. 
إذ لا يمكن أنّ تنتصر إرادة الحياة هكذا. 
كما أن هذا الموقف لا يتوافق مع القرار الذي اتخذه كانديد بمغادرة "بلد الإلدورادو الطّيب" زاهدًا بأحواله المعيشية الرّغيدة، وحسن تعامل سكانه وأخلاقهم الرّفيعة. وذلك للبحث عن حب حياته "كينوغيد" التي كانت أسيرة للمعاناة في مكانٍ آخر بعيدة عنه.. 
كما أنّه يتناقض مع تلك العبارة البليغة المغموسة بالتفاؤل الحذر: «هذا قول حسن، ولكن يجب علينا أن نزرع حديقتنا». 
والتي يختتم بها ڨولتير على لسان كانديد روايته الفلسفية وذلك في ردّه على أستاذه "بانغلوس" الذي كان يحثّه على الشعور بالامتنان لكلّ الأحداث المترابطة في أفضل العوالم الممكنة، بما فيها الفظائع والأهوال التي عاشها في أسفاره، والتي لولاها لما كان الآن مع من يحبهم يأكل أطيب الثّمار.
وكأنه يقول له: آمل ذلك يا أستاذيّ العزيز، ولكن يجب علينا أن نعمل الآن. 
أن نزرع حديقتنا...
. والحديقة، بالنسبة لڨولتير، هي استعارة، المقصود منها، القيام بأعمال مفيدة للإنسانية.
قد تبدو، تفاؤلية لايبنتز، لأول وهلة، ولغير المطلع، وأمام الشرور والفظائع التي عانت منها البشرية على مرّ الزمان، منفصلة عن الواقع، ومثيرة للنقد والسّخرية عند البعض.  لكن، وللإنصاف، لم يكن تفاؤل لايبنتز اعتباطيًا. 
إنما كان نابعًا من ثقته المطلقة بقوة العقل الإنساني، وبمبدأ العلّة الكافية حيث لا توجد نتيجة أو شيء بدون سبب. 
وقد كانت أفكاره َوخطواته في ذلك علّميه ومنطقية ومدروسة، ينسجم فيها العلم مع الإيمان إذ ما حاول أن يتفكّر في سرّ الأزل. 
 إنّ أفضل العوالم، كما يبيّن لايبنتز ذلك، 
لا يعني العالم الذي يتكون فقط من أفضل الأجزاء، أيّ أنه ليس مثاليًا، فالشر موجود فيه حتمًا، تمامًا كما أن "جزء الشيء الجميل ليس جميلًا دائمًا." 
وهو يميز ثلاثة أنواع للشر: الشّر الميتافيزيقي وهو نقص ملازم للموجودات المتناهية، وهذا أمر لا مفرّ منه...
والشّر الطبيعي وهو الألم.
أمّا النوع الثالث فهو الشّر الأخلاقي - الخطيئة- وهو الضريبة الضرورية التي لا بدّ من أدائها للحرية البشرية.
والذي مبعثه سوء إستخدام الإنسان للحرية الممنوحة له من الله.
لكن التفاؤل بقدرة العلم على الكشف عن النظام الدقيق لهذا الكون، وتحسين حالة الإنسان وتنظيم حياته، يجعل هذا العالم يتفوق في أفضليته على اليوتوبيا، حيث يكون الإنسان فيه حرًا في التصرف، وقادرًا على الاختيار بين الخير والشر. 
هذا بالإضافة إلى أنني أرى الكثير من الواقعية في فكره خصوصًا في نظرته التصالحية والتوافقية ليس فقط بين الحقائق والمفاهيم والآراء التي قدمتها الأنساق الفلسفية المختلفة، منذ بدايات الفلسفة وصولا إلى فلاسفة وعلماء عصره.   
بل أيضًا مع هشاشة معارفنا وضآلتها مقارنة بما لا نعرفه.. 
فما هذا الغرور الذي يجعلنا نعتقد بأن الطبيعة ملزمة بتصوراتنا عن الخير والشر..!
أو أن حركة الطبقات الصخرية وتصدّعها، 
التي تنتج عنها الزلازل يجب أن تتناسب مع أحوالنا النفسية والفكرية! 
بينما لو كان الأمر غير ذلك؛ لما تقدم العلم بالملاحظة والتجربة، أيّ حينما أصغى الإنسان بملء حواسه إلى صوت الطبيعة وفهم قوانينها. 
ومن هنا يمكن لي القول: بأن وجود وإدراك الأمور السلبية في عالمنا كالحروب، والأمراض، والكوارث الطبيعية والفجوات البغيضة بين البشر، وغيرها من الشّرور.. 
واتخاذ موقف أخلاقي وانساني، من خلال وجهة نظر متشائمة، لكنها خالية من كدرات العدمية واليأس والعبثية، تقوم بوصفها وتفسيرها وإيجاد الحلول المناسبة لها، والسعي قدر الإمكان لتجنبها قبل وقوعها، 
أو مواجهة الآثار السلبية المترتبة على حدوثها، بشكل لائق وانساني، لا يتعارض مع التفاؤل سواء كان مصدره العقل أو الإيمان، ولا ينفي عن العالم تعريفه بأنه أفضل العوالم الممكنة. 
في عملية تشبه النقد الذاتي للنفس، 
حيث يكون التشاؤم هنا تفاعلا حيًا يرقى إلى درجة عالية من الإنسانية.. 
يصبح هو والتفاؤل وحدة واحدة، لا تنفصل ولا تنفصم، وتسعى بالفكر والعمل نحو الأفضل. على سبيل التشبيه "مونادة" مدركة، واعية، ومتناغمة مع انسانيتنا..
 ******
 هذا ما كان، ويظلُّ لكلّ قارىء زمانه ومكانه، وانطباعاته الخاصة به، وتجربته الفريدة، وحرية المقارنة بين الآراء المتعددة، لإصدار الحكم واتخاذ القرار..✨

السبت، 6 أغسطس 2022

فنّ الاشتياق إلى الذات (الكتابة)


منذ أول نقش لأقدم اللغات المكتوبة وحتى يومنا هذا...
ظَلَّت الكتابة بثوابتها ومتغيراتها حاضرة في أزمنة الفكر والشعور كالأعياد.
تمامًا كمفعولها القديم على ألواح الطّين والحجر، وبأناقة وترتيب خطٍ مسماريّ أصيل نَقَشَ في صمت المادة رسمًا ومعنى، يتشكل حضورها، ويرتسم أثرها في الأعماق.
فهي لا تنقطع عن محاصرة السّؤال حتى تظفر بالجواب.
ولا تتوقف عن تكثيف الصَّاعد من تيارات الفكر والعاطفة، وتحويله إلى ذاكرة نصّية.
فالكتابة لكلّ من خاض غمار الأبجدية بوجدانه، وترك بصمة روحه محفوظة فيها، هي الانسجام التام، وفنّ القدرة على معرفة مكامن الذات، وما يتجلى للنفس بوضوح في اندفاعها ببراءة الاشتياق..
لذا هي "فن الاشتياق الى الذات"، والوسيلة التي يتحقق بها التوازن بين عاطفةٍ جعلتها تشعبات الحياة وتعقيداتها أكثر قلقًا، وحركة، وتجوالًا في البال، وكلماتٍ تنشد الإستقرار والثبات في اصطفاف السطور، واصطفاء العقل للمعاني والدلالات.
لتكون مشاعر الإمتنان أخيرًا لكلّ خريطة روحية، جعلتنا ندرك واقعنا وحقائقنا على نحو أفضل..
أيّ لكلِّ نصٍّ اكتملت في أثنائه قوى الوعي، والمعرفة، والخيال، والحدس بفعلي الكتابة والقراءة.
إذ أنّ للكتابة التي امتزجت بمعالم الذات بصدق وتلقائية، امتداداتٌ استثنائية، وتوهجٌ يوقظ الذهن والحواس، وهو الذى يتجلى - أكثر ما يتجلى- في أناقة الأسلوب، وتفرده، وتحرره من رمادية الأبعاد..
هذا التَّفرّد الجاذب والفاعل الذي يجعلنا في حالة وجود مستمر؛ فلا يتلاشى الضّوء الناتج عن احتراق الأيام والسنوات بعيدًا في الغياب.
ذاك الضّوء الذي تضفي عليه الكتابة، حال القرب وصفة الثبات.
فإذا ما كتبت أو قرأت، مستجيبة لنداء الجمال الكامن في اللُّغَة، وفيض الشوق في وجداني...
كان الثَّابت "فكرة" ترتقي إلى مبناها الجديد؛ أيّنما عصفت رياح الرّتابة والإعتياد.
كان الثّابت "فرحًا غامرًا"، يستقر أثره في القلب، ويزداد رسوخًا كلَّما تعمقْتُ أكثر في الإدراك والمعرفة والفهم.
كان كإشراقة شمس "الوقت المناسب" وهي تؤنس القلب في وحشة المجهول، وتزيل عنه تعب الحيرة والتَّرَدُّد..
كان الثَّابت "فَنًّا": مزجٌ متناغم بين القيمة والإحساس، وغاية تتحقق في كلّ استجابة ناضجة، خالصة من سطوة ردّ الفعل، ونمط المتوقع.
كان الثابت "أفلاطونيا" : كمثلث معنى تنتظم وتنسجم في زواياه المتساوية: الأسماء، والأفكار، وجوهر المُسمَّيات.

كان الثَّابت "موسيقيًا": أبعادٌ شفافة يدركها كلُّ ذي إحساس لطيف..
وانبعاث متآلف للكلمات في ذروة النبض المجرَّد من كلّ فوضى أو انكسار..

كان الثَّابت عودة النتائج إلى مقدماتها، كلَّما أتقن الاستدلال فيها عمله وأحسن صنعته.
كان الثَّابت ذاكرة تجيد مهارة الانتقاء المثمر مِمّا كان، وإرادة تتقن التواصل الحرّ مع الزمن الآتي..
من أجل ذلك كله، لم تعد تخيفني فكرة مرور الزمان، وتقلب الأيام والأحوال، وجريان ذاك النّهر "الهيراقليطي" الذي يستحيل النزول إليه مرتين بين محطات حياتي المختلفة..
فإن كلَّ فكرة تَمَثَّلَت سطرًا أو هامشًا مكتوبًا، كانت بالنسبة لي جسرًا أتابع منه سير العمر والفكر بعيدًا عن كلّ ثقلٍ مادي يرهق انسانيتي، أو جرحٍ معنوي يسرق وجه المعنى من مخيلتي الملأى بنقاط الإرتكاز.!

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...