الجمعة، 29 أبريل 2016

يا وطن ..





يا وطن تمهل... انتظر... لا تذهب
لا تغادر خريطة العالم ...
كن واقعا يتسع للجميع ...وطنا لا يقبل القسمة ....
 كن كما أراد الله لك أن تكون ...سر الكلمة... عباءة نبي...  

عيون غارقة في البحر ... صرخة الصبح في وجه السكون...

متن حضارة عانقت الشجر والحجر ...

يا وطن
أيها الصامد بحكمة وعمق الجرح لا تتركنا
 أيها الملهم المسكوب على نافذة الحلم... كن معنا كما كنت دائما ... راضيا متسامحا...ولا تلمنا على الجزء الغامض من صمتنا... على ليل هزائمنا الطويل...
يا وطن ...
نسألك بنقش ساعات الانتظار على وجه المدن المحاصرة ...
بأبجدية الشوق المنحدرة من حقائب السفر في بلاد الشتات ...
بقوة الصلوات الصاعدة إلى أوطانها السماوية ...
 بشريعة الحق ... أن تبقى

الأربعاء، 27 أبريل 2016

روح..وحنين...وذاكرة

رغم أن الموت هو توقف القلب عن العمل حيث يرحل إلى غير رجعة  سر الحياة من الجسد إلا أنه يبقى من حديث الرحيل سر ضبابي يعمل في الخفاء ... 
حنين لا يموت ولا يفنى ... 
تبثه الأرض بانتظام أثناء احتضانها للجسد.
وأمام عظمة الحنين وعنفوانه واصراره على أن يكون حاضراً في أوقاتنا كالشمس والقمر..  
ولأن قلوبنا حين تفارق من تحب تصبح أكثر رقة تحرقها شرارة شوق؛ فلا مفرّ من التسليم له والاقتران بخطوطه اللامرئية..  
دائما، وفي كلّ قصص الموت هناك أشياءٌ لا تموت روح ... وحنين... وذاكرة !!!

الأحد، 24 أبريل 2016

نهارك المنتظر..

أن تحب يعني أن ترى في فضاءات حضوره كوناً متجدداً لا تمل حواسك من التحليق بين شموسه وأقماره التي لا تعد ولا تحصى!!
أن تخبره كيف أصبحت ساعات النهار على قلتها تغطي فيك مساحات الأمل...
وكيف أمسى الليل حارساً على طقوس اكتمال القمر، وشاهداً على أحاديث حنين تتوهج بالتزامن مع إيقاع كل تفاعل نجميّ يكسر بمجاز الضوء صمت الظلام.
فالحنين في الحب هو أن تحترق إنتظاراً وشوقاً لنبضٍ يضيء في دمك بينما تهمس له قائلا: ها أنا برغم واقعي المشحون بآلام الوعي أتصاعد فيك كطيف حلم.
الحب هو أن تسمح لفرح غامض بأن يسْتَلَّ من دروب يومك المتشعبة تفاصيلها الغريبة.
أن يكون هو نشيدك الكوني الذي يحفظك وتحفظه عن ظهر قلب وتدوّن بإسمه صفحات عمرك لكي تجد نفسك فيه ...
الحب هو أن يمتلئ عالمك بذلك الإختيار الإرادي رغم إيمانك بأن الحب لا يتشكل في القلوب إلا يقيناً يكتشفنا، ويختر عنا،ويعيد صياغة أيامنا، ويأخذنا دائماً إلى حيث لا ندري.
الحب هو أن تشتعل بسرّ جمال تزهو به مرآه القلب ...
جمال لم ولن يتكرر على وجه بشر ...
فلا أحد يراه كما تراه أنت، ولا أحد يدرك تسارع لهفتك لرؤيته كما تدركها أنت ..
أما اللهفة في الحب هي أن تقول للحلم الذي فاض من يديه : تعال أيها المضمّخ بأغنيات الفرح ونسائم السلام تعال إلى أيامي وانتشر ..
الحب هو التحرر التام من قيود اللغة لذا سمه ما شئت فمن العبث محاولة اخراجه من بؤرة الشعور.
ولماذا عليك أن تكون موضوعياً وحيادياً في مسألة داهمت كيانك كشلال هادر!
فأنت حين تحب تتحول إلى أبجدية من نار لا تخشى شيئاً ولا تحسب حساب أحد.
وتصير روحاً عاشقة هائمة أشبه بعصفور قدسته سماوات الحرية ...
فالحرية في الحب هي أن يتدفق كل منا في دم وفكر وروح الآخر
بلا قيد أو شرط...
بلا توقف أو نهاية ...
يولد الحب وينمو ويكبر في صدرك معززاً مكرماً، يحتلك هذا الطفل الذي يطوق عنقك حين ينظر إليك بعينين شفافتين تقرآن بصوتك حالة وجود مرهونة بحركة كوكب يعوم في السماء بحثاً عن طيف نهار.
نهار ينتشلك من لعنة اللاعودة وليلها الأبدي.
من موتك الرمادي.
من وديان ذاكرتك النازفة.
من ثقل هم يوقظ جراحك بظلم يعيد نفسه في دروبك.
هو الحب وحده نهارك المنتظر، يحملك إلى مجرات من نور وطمأنينة، لا يمسها ظلام خوف، ولا تطالها ثرثرة الرماد .

الجمعة، 1 أبريل 2016

قراءات في الذات الإنسانية.. الشخصية



كم نستهين بدوافع فعالياتنا الشعورية... بأسرار ادراكنا، ووجداننا، ونزعاتنا!!
بل كثيراً ما نفضل السير على خطى قوى عالمنا المضطرب حين نتجاهل أسباب صراعاتنا الداخلية ونختلق فلسفة مشوهة للقوة وكأننا في حربٍ دائمة لا نهاية لها وقودها عقل منغلق وقلب متبلد وكرامة انسانية غائبة ..
وكم نخطئ في حق أنفسنا وفي حق الآخرين حين نصدر أحكامنا مكْتَفِين ببعض المظاهر الجسدية والسلوكيات الظاهرة والصور النمطية التي تفتقر إلى الوضوح والمنطق دون أدنى فكرة عن طبيعة الشخصية الإنسانية ....
وكأننا في حديثنا عن أنفسنا وعن الآخر نخوض جدالاً عقيماً تناسينا أو نسينا فيه أننا مختلفون !! لكننا مجبرون رغم الإختلاف والخلاف على ايجاد نقاط مشتركة ومساحة للحوار والعيش المشترك تعطي لكلّ ذي حق حقه ولكل شخصية حرية التعبير عن هويتها المميزة التي جُبِلَتْ عليها ....
يقول الشاعر الألماني يوهان غوته:
"تنمو الموهبة مع الهدوء والسكون ، و تنمو الشخصية بخوض معترك الحياة"
فما هي الشخصية ؟؟ ما هي مكوناتها؟؟ وما علاقتها بالطباع والمظاهر الجسدية والمادية و البيئة المحيطة بها ؟؟
رغم كثرة التعريفات حول الشخصية يمكن القول بأن الشخصية هي : 
مجموع الاستعدادات والميول والسلوكيات والإهتمامات والقدرات والمواهب والصفات الثابتة التي يتصف بها الفرد والمستمدة من موروثه الجيني ومحيطه التربوي والإجتماعي واتحادها اتحاداً مميزاً بحيث تجعل الفرد مميزا عن الآخرين .
لكن ما هي العوامل التي تؤثر على الشخصية الإنسانية؟؟
مما لا شك فيه أننا من الناحية البيولوجية نخضع لنظام غددنا الصماء فالهرمونات تؤثر على بناء الشخصية وأنماطها وتنظيمها وأيّ خلل أو اضطراب يصيب هذه الغدد سينعكس على سلوك الفرد.
أما الجهاز العصبي فهو يساعدنا على التكيف والمواءمة والمرونة في التعامل مع الأوضاع والظروف الاجتماعية المختلفة..
ومن العوامل المهمة المؤثرة على الشخصية هي المظاهر الجسدية فإن الجسم المتمتع بالصحة والقوة يجعل الفرد واثقاً من نفسه ،مقبلاً على الحياة، لكن في حالة كان الجسم ضعيفاً ومعتلاً أو مريضاً سينعكس ذلك على الشخصية ويضعفها نتيجة الشعور بالنقص وقد تدفع تلك المشاعر السلبية بصاحبها إلى فقدان الطموح والانطواء والانسحاب من الحياة ما لم يتلقَّ الرعاية الصحية والنفسية اللازمة بحيث يصبح بإمكانة المشاركة والمساهمة والتفاعل مع مجتمعه دون حواجز أو قيود ...
هذا بالإضافة إلى أن صفاتنا الجسدية تترك آثارها على شخصياتنا من خلال نظرة الآخرين المحيطين بنا فنظرتنا لأنفسنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنظرة الناس إلينا وانطباعاتهم وتصوراتهم لكن حكم الناس في الغالب لن يكون منصفاً لنا لإعتماده فقط على المظاهر الجسدية والمادية واغفال المضمون والطباع المكونة للشخصية هذا غير أنهم يوظفون منطق العاطفة للخروج بتصور يرضي رغباتهم بغضّ النظر إن كانت هذه الصفات التي يطلقونها على الأشخاص موجودة فعلا أم هي مجرد اسقاطات أو تكهنات وخيالات...
ومن هذه النقطة تحديداً أذكر مقولة دارجة في ثقافتنا "كـلُّ يرى الناس بعين طبعه" يمكن اعتبارها تلخيصاً لما سبق...
ما دور العقل والعاطفة في تكوين الشخصية؟
إن النظرة المتزنة للأمور، الذكاء والقدرات ،الاهتمام بالتفاصيل التكيف مع البيئة والتفاعل معها ، قوة الذاكرة ، وحسن التصرف في الأوقات الصعبة كلها مقومات أساسية من مقومات الشخصية أما العاطفة فلولاها لما أخذت الشخصية هويتها المميزة وهي بالنسبة للآخرين تشكل دلالات يستطيع الناس من خلالها ادراك مواقفهم وتصوراتهم حول الشخصية..
والعاطفة هي مجموعة من الانفعالات تتركز حول موضوع معين تدفع الإنسان إلى القيام بسلوك يرتبط بهذا الموضوع.والعاطفة سواء كانت عاطفة حب أو بغض تتشكل نتيجة التجارب التي نخوضها والخبرات التي نكتسبها في هذه الحياة ..
والآن يجدر بنا التساؤل حول تأثير الطبع وأصالة الفطرة على الشخصية وهل يمكن توجيه الطباع وصقلها بحيث تتكامل الشخصية وتتناغم عناصرها بشكل يظهرها كوحدة متماسكة ؟؟
ترتبط الطباع ارتباطاً وثيقاً بالمظاهر الجسدية والظروف والبيئة والعاطفة ...
 والطبع : هو الصفة الفطرية التي ولدت مع الكائن الحي وما يقوله المفهوم الشائع الجامد عن الطباع هو استحالة تغيرها من حالة إلى حالة حيث تلعب الوراثة دورا رئيسياً فيها وقديماً آمن الناس بدور الوارثة من خلال ملاحظتهم للشبه الكبير بين الأباء والأبناء...
بقي هذا المفهوم سائداً حتى منتصف القرن التاسع عشر حيث بينت نتائج تجارب العالم النمساوي مندل (1822-1884) واضع أسس علم الوراثة آلية انتقال الصفات الوراثية من الآباء للأبناء وكيف أن هناك صفات سائدة وأخرى متنحية قد لا تظهر في الجيل الأول لكنها قد تظهر في أجيال لاحقة...
لكن في المقابل تم رفض الحرية المطلقة للصفات الوراثية وبدأ العلماء يركزون على أهمية التربية والترويض في صقل الطباع وتهذيبها ..
أما ما كان يسعى العلم إليه حقا في هذا الاتجاه هو اثبات أن المادة الوراثية غير منفصلة عن الظروف المحيطة بها فهي قابلة للتكيف والتطور بما يناسب البيئة والظروف المحيطة. لخصها "إيفان ميتشورين" (1855 - 1935) وهو عالم بيولوجي سوڤياتي انطلاقاً من فرضية أن "الصفات المكتسبة تتنقل بالوراثة" بقوله :
"إننا لا نستطيع انتظار احسان الطبيعة بل إن عملنا هو انتزاع هذا الأمر منها"
وبين ما هو فطري ومكتسب ولفهم كيف تتكامل الشخصية عند سيغموند فرويد ( 1856 - 1939) مؤسس علم التحليل النفسي فقد اعتبر أن الشخصية الإنسانية تتكون من ثلاثة أقسام :
-طبقة دنيا الهو Id : وهي مصدر الطاقة والدوافع البيولوجية الغرائز والرغبات المكبوتة لا تحكمها الضوابط غايتها الحصول على اللذة بأي طريقة ...
-الانا الأعلى الطبقة العليا Super Ego :هي السلطة الداخلية أو الضمير مستودع الأخلاقيات والآداب والمثل ..
-الانا الطبقة الوسطى Ego :وهي مركز الوعي والارادة والشعور مهمتها التوفيق بين مطالب الهو والمبادئ والقيم الأخلاقية والاجتماعية التي تفرضها الأنا العليا وهو ما يسمى بتكامل الشخصية وفي حال عجز الأنا عن التوفيق بين الهو والذات العليا اضطربت الشخصية ومالت إلى السلوك الغريزي العدواني ...
من المؤكد أن البيئة العائلية والتعليم والقيم الروحية والعادات الإجتماعية جميعها مؤثرات تترك بصماتها على الشخصية وتطورها ودورها يتمثل في تحويل الطاقة القوية للغريزة أو الدوافع الفطرية إلى نشاط هادف ومقبول مثل التركيز على رعاية وتنمية المواهب والهوايات المختلفة أو تشجيع الأفراد للتوجه نحو العمل الاجتماعي التطوعي ثم السمو بدافع الغريزة وإعلائه إلى مستوى عاطفة تعمل من أجل تعزيز عاطفة اعتبار الذات والخروج من الذات الفردية إلى ذوات الآخرين والتكامل معها ...
إن الحاجة النفسية الأكثر لزوماً لتسير الانسانية في طريقها نحو تحقيق أهدافها هي الإيمان بأهمية وقدرة التربية والمحيط الجيد والرعاية الواعية للوصول إلى محصول جيد.
إن التربية السليمة التي يتلقاها الفرد في المنزل والمدرسة والقوانين العادلة التي تراعي الأسس النفسية للفرد والرعاية الصحية والاجتماعية التي تقدمها الدولة لمواطنيها كفيلة بأن تجنب الأفراد ويلات الإنحرافات النفسية والعقلية ..
إن مجتمعاً يعاني أفراده من غياب العدالة وتفشي الجهل والفقر والبطالة والإهمال تبقى فيه الشخصية تحت ضغط نفسي كبير قد يتطور إلى صراع داخلي يبدد طاقتها الإيجابية ويغرقها في الاضطرابات والضعف والسلوكيات المتناقضة..
وقد يدفعها الإحباط وفقدان الهدف إلى توكيد ذاتها واثباتها من خلال اللجوء الى العدوان وايذاء الآخرين ...
فالإنسان حصاد الوراثة والتربية والظروف فلنحرص على أن نوفر لأبنائنا تربية صحيحة وظروفاً صانعة للشخصية القوية ..
وإني أرى أن الشخصية القوية هي الشخصية المتكاملة المتصالحة مع نفسها ومع محيطها... 
هي شخصية لم تقف الظروف والتجارب السيئة عائقاً أمام أصالة فطرتها وطباعها. لكنها تكاملت مع كل قيمةٍ انسانيةٍ راقية أظهرت فيها اتزان العقل وجمال العاطفة وصلابة الإرادة وسلامة الاستنتاج والمنطق ...

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...