الوجه الخفي للحرب الإنسان بين واقعية الحرب ومثالية السّلام




visage-of-war for Salvador Dali

الوجه الخفي للحرب العالمية الأولى

بقلم : رولا العمر
المقدمة
الإنسان بين واقعية الحرب ومثالية السّلام

إن الرجوع إلى أصل الظواهر عادة ما يوقع الباحث في متاهات تجعل من أمر البحث عن الحقيقة أمرا معقدا للغاية.!
خصوصا إن تعلق الأمر بتفسير ظاهرة متأصلة تأصلا تاريخيا في جوهر الجماعات أو المجتمعات الإنسانية كظاهرة الحرب .
و أنا هنا  أحاول إلقاء الضوء على الصراع الذي سبق أول إعلان للحرب العالمية الأولى وليست الحرب بحد ذاتها ، ذلك الصراع الذي يقبع بهدوء خلف سطور الحرب ويحرك الأحداث بصمت مخيف إلى ساعة الإنفجار الكبير .

فالحرب ذروة الصراع الذي يصبح لحظة دخول القبيلة والإمبراطورية والدولة القومية على حد سواء صراعا دمويا مسلحا تتفنن فيه الأطراف المتخاصمة في اظهار تفوقها في مجال القوة التي تضمن لها السيطرة لاحقا في مرحلة ما بعد الحرب …
إن دراسة أسباب أي من الحربين العالمية الأولى والثانية يقودنا إلى أن ندرك جيدا أن هناك سمات عامة ومشتركة اصطبغت بها الدول بعد أن تقوقعت قوميا وسياسيا ، حيث غابت الحدود المعلنة للسيادة وللمجال الحيوي لأي دولة قومية طامحة بأن تكسب بشعاراتها المزيد من الأرواح والموارد …
وبان بشكل واضح أن حروب القرن العشرين ليست سوى حروب الوفرة والسيطرة والتوسع في ظل تناقض لا محدود من السياسات .
وبأن خلود الحرب وعمق جذورها في العلاقات الدولية لم يكن السبب الوحيد لإن يظل العالم في حالة تأهب وتحضير لحرب محتملة و أن تفشل جميع أساليب تحقيق الأمن الجماعي وتقع كل الهيئات التي تدعو إلى التكامل الدولي في بحر متلاطم تصارع الغرق وتسمع آذان الساسة الكبار آخر أنفاسها فلا تلتفت .
فالمصالح الوطنية كانت هي أقوى اللاعبين وأعلاهم صوتا وأكثرهم ضجيجا فلا اعتبار للحق ما دام يناقض المصلحة القومية .

و بينما تتصارع القوى والأحلاف على الصعيد الخارجي كان لكل منها ورشة عمل في الجبهة الداخلية … فالحرب قادمة لا محالة لذا كان لابد من انشاء ذلك المجتمع القادر على العدوان وتحمل الإعتداء في ذات الوقت.
وعلى الرغم من أن الإنسان يمقت الموت ويهرب منه إلا أننا عندما نرصد أحوال المجتمعات التي شاركت في الحربين الأولى والثانية نجد حالة من الإندفاع الجماعي المقدس نحوها واذا أردنا التوضيح نقول:

لقد خلقت أجواء ما قبل الحربين مجتمعا يريد بل ويشتهي الحرب وبرعت الأنظمة الحاكمة في توظيف هذه الأجواء للدعاية لها والدعوة إليها فكان تفجر الشعور القومي لدى الشعوب قبيل الحرب العالمية الأولى دافعا فرض نفسه بقوة وقاد ملايين الجنود لساحة
القتال .!
وكذلك تم رسم المجتمعات المتصارعة قبل الحرب العالمية الثانية ففي ألمانيا استغلت خيبة الأمل التي أصابت الألمان بعد هزيمتهم لإستبدال الموسيقى بأناشيد الحرب . وكذلك كان لإعادة أمجاد روما الماضية صوتا ذا رنة ذهبية طربت لها الآذان في ايطاليا .
بينما شكل الخوف في فرنسا آلة دفع دفعت المجتمع الفرنسي بقيادته نحو التعبئة الجنونية للحرب.
وكذلك كان هاجس حفظ المكانة لبريطانيا عاملا اساسيا لأن ينهض الإنجليزي ببندقيته يدافع عن الوطن والملك.
أفلا يصح القول بأن هذه الحكومات أخطأت بحق شعوبها كما أخطأت في حق الآخرين بعدما أزهقت أرواح عشرة ملايين في الحرب العالمية الأولى وسبعة عشر مليونا في الحرب العالمية الثانية


وفي النهاية:
لا بد من وقفة اعتبار أمام كل ما سجله التاريخ …
فالتاريخ لم تعد أهميته بأنه علم سياسية الماضي فقط
بل به نستطيع فهم الأحداث المعاصرة لنتمكن من رسم ملامح المستقبل وبالتأكيد سيكون المستقبل أفضل إذا اجتنب العالم تكرار أخطائه …………



سؤال
كيف تصف حروب القرن الواحد والعشرين ؟؟؟

الوجه الخفي للحرب ((2))
أسباب الحرب العالمية الأولى
التنافس الإستعماري




((منذ البدائية كان التوسع سمة مرافقة للوحدات الإنسانية بحثا عن حاجات أساسية لحياة الأفراد فيها…
بينما تتصارع الدول المعاصرة لتحقيق حلم التوسع وبسط سيطرتها على مواقع تراها استراتيجية مع افتقارها للحاجة))
شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر و تحديدا بعد استيلاء فرنسا على الجزائر عام 1830صراعا قاتلا بين الدول الأوروبية للحصول على أكبر قدر من المستعمرات والسيطرة على المناطق الإستراتيجية في العالم.
وبالتأكيد لم يكن دخول الدول الأوروبية ميدان التنافس الإستعماري في وقت واحد .
ففي الوقت الذي دخلت فيه ألمانيا وبلجيكيا وإيطاليا و اليابان هذا الميدان كانت كل من بريطانيا وفرنسا قد وصلتا حد الإشباع في الحصول على مستعمرات في مناطق شتى من آسيا و أفريقيا و أمريكيا اللاتينية ومع هذا فقد شعرت هذه الدول العريقة  في مجال الإستعمار بأن دخول الدول الجديدة بات يهدد مستعمراتها ووجودها في الخارج . وبالطبع لم يكن هذا التسابق والتنافس في مجال الإستعمار إلا وليد عدة عوامل أهمها :
(1) الثورة الصناعية : أدت الثورة الصناعية إلى تطور أساليب الإنتاج ومن ثم زيادة انتاج الدولة عن حاجتها وقدرة استيعاب سوقها المحلي في الوقت الذي لجأت فيه الدول الأوروبية إلى وضع تعرفة جمركية عالية على البضائع المستوردة كوسيلة لحماية صناعتها المحلية فكانت الحاجة إلى أسواق خارج القارة الأوروبية لتصريف البضائع المكدسة و لإستثمار رؤوس الأموال ، وفي مجال آخر كانت الحاجة للمواد الخام لتطور الصناعة واستمرارها فمثلا شكلت الطبقة البرجوازية في ألمانيا وسيلة ضغط على بسمارك جعلته يتجه نحو السياسة الإستعمارية على الرغم من أنها لم تكن ذات أهمية بالنسبة له .
(2) ومع تطور الصناعة نمت الأساليب العسكرية سواء في المجال البري أو البحري وهذا ترافق مع تخلف في الدول الإفريقية والآسيوية مما جعل من عملية الإستعمار عملية غير مكلفة كثيرا …
(3).الحصول على المناطق الإستراتيجية التي تكفل للدولة الإستعمارية تأمين خطوط مواصلاتها والمعروف أنه كلما زاد التوسع زادت الحاجة لنقاط تموين وحماية.
(4). الضغوط السكانية : فقد تزايدت أعداد السكان في أوروبا بسبب تحسن الرعاية الصحية وارتفاع مستوى المعيشة رافق ذلك انخفاض الطلب على الأيدي العاملة بسبب حلول الآلة محل العامل مما أدى إلى ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل وبالتالي زادت نسبة الخارجين عن القانون فرأت بعض الدول كبريطانيا أن التوسع في استراليا ونيوزلندة وسيلة للتخلص من هؤلاء بإرسالهم هناك وكذلك فعلت روسيا أثناء توسعها في سيبيريا .
(5) التبشير الديني: ويعني نشر الديانة المسيحية لدى الشعوب الأفريقية والآسيوية وقد كانت فرنسا رائدة في مجال التبشير الكاثوليكي بينما تولت بريطانيا التبشير البروتستانتي في الأراضي التي تفتحها .
(6) تعدد أساليب الإستعمار وتنوعها في القرن التاسع عشر فقد تكتفي الدولة المستعمرة بالسيادة الإسمية على اقليم معين كما هو وضع كندا بالنسبة لبريطانيا و قد يتم ضم الإقليم ضما كاملا كما فعلت فرنسا بالجزائر  و غيرها من الأساليب مع استخدام الإستعمار لشعارات ذات طبيعة انسانية براقة فقد رأت فرنسا نفسها رسولا لنشر المدنية والحضارة في العالم بينما حملت بريطانيا على عاتقها نشر رسالة الرجل الأبيض .


نظرة عامة على التنافس الإستعماري الأوروبي
(1870-1914)
حصلت بريطانيا على مركز الصدارة في سبعينيات القرن التاسع عشر بعد الهزيمة التي منيت بها منافستها فرنسا في حرب السبعين مع بروسيا وانتهاج ألمانيا بزعامة بسمارك سياسة محافظة اتجاه الإستعمار فقد أراد بسمارك الحفاظ على ما حصلت ألمانيا من مكاسب مع النمسا 1866 ومع فرنسا 1871 وقد كان يرى دوما أنه دوما أنه يجب أن تحل القضايا الإستعمارية بين دول القارة الأوروبية على مائدة المفاوضات بمعنى أنه كان يفضل المعارك السياسية عن خوض المعارك العسكرية .
لذا كانت دعوته لعقد مؤتمر برلين 1878 بعد معاهدة (سان استيفانو) التي أنهت الحرب الروسية العثمانية وأعطت روسيا امتدادا يهدد مصالح بريطانيا في مناطق الخليج العربي والهند وشمال العراق من جهة ومصالح النمسا والمجر في البلقان من جهة أخرى .




-Kaiser Wilhelm II



Otto von Bismarck
بعد عزل بسمارك سنة 1890 اتبع غليوم الثاني امبراطور ألمانيا سياسة عالمية بمعنى أنه كان يريد لألمانيا أن تخرج من سياسة اللامبالاة عما يجري في العالم و أنه يجب أن تحصل على مكان لها تحت الشمس .
وبرزت أيضا الجامعة الألمانية التي تأسست عام 1890 والتي كانت تسعى إلى أن تأخذ الحكومة الألمانية مكانا لها في المجال الإستعماري و أن تضم جميع الألمان في دولة قومية واحدة وقد كان للجامعة الألمانية برنامج توسعي يرمي إلى الحصول على مراكش و أفريقية الوسطى .
والحق أن ألمانيا كانت قد أتت متأخرة رغم تفوقها وتقدمها وهذا ما يفسر سياسة بسمارك من عدم توسعه كثيرا في اتباع سياسة التوسع الإستعماري بعد تقسيم أفريقيا في مؤتمر برلين 1884-1885 وحصول ألمانيا على (توجولاند) والكامرون وتنجانيقيا وجنوب غرب أفريقيا .
أما ايطاليا التي وصفها (بارير) سفير فرنسا في روما عام 1902 ب (الدولة الفتية) فقد شكل البحر الأبيض المتوسط لهذه الدولة الفتية هاجسا مستمرا ، وكان لابد لها من الحصول على نقاط ارتكاز على شواطئه وخاصة طرابلس وشرقي المتوسط وهو ما أدى لاحقا إلى حصولها على طرابلس 1912.
وبالنسبة للنمسا والمجر فقد ركزت نشاطها في القارة الأوروبية وتحديدا في شبه جزيرة البلقان وبهذا دخلت الإمبراطورية النمساوية المجرية في صراع محموم مع روسيا والقوميات الناشئة في البلقان كالصرب والدولة العثمانية صاحبة السيادة ولروسيا أيضا نهجها في التوسع والوصول إلى المياه الدافئة فكان نشاطها في عدة اتجاهات الأول في الشرق في آسيا مما أدى إلى اصطدامها مع بريطانيا ، ثم في البلقان و هذا أوقعها في خلافات لا حصر لها مع النمسا والدولة العثمانية ، وعندما قامت بالتوسع صوب الشرق الأقصى استطاعت اليابان وقف زحفها بعد انتصارها عليها عام 1905
أما فرنسا فقد عادت الحياة من جديد لنشاطها الاستعماري منذ عام 1880 فوجهت نشاطها نحو مراكش سنة 1904 واستطاعت فرنسا التوفيق بين سياستها الأوروبية وبالأخص مع انجلترا واستمرار توسعها خارج القارة الأوروبية بفضل وزير خارجيتها (دلكاسيه)
أدى هذا الصراع والإقتتال بين دول القارة الأوروبية في سبيل الحصول على أكبر قدر من المستعمرات إلى أن تعرف كل دولة مع من تتحالف ومن تعادي بمعنى أدق لقد وضع هذا التنافس الأسس التي قام عليها نظام الأحلاف الذي حدد موازيين القوى في القارة الأوروبية إلى اشتعال فتيل الحرب العالمية الأولى ….



 
سؤال
اليوم وفي ظل سيطرة القطب الواحد على العالم هل تعتقد بوجود تنافس استعماري بشكله الكلاسيكي أم أنه يطل علينا بوجوه  جديدة ؟؟


الوجه الخفي للحرب العالمية الأولى
(3)
التحالفات الدولية


(( إن العدو في عالم العلاقات الدولية هو كل من ليس منا، والتحالف ليس صداقة بل مجرد علاقة تعاقدية وعارضة بين دولتين أو أكثر ضد عدو مشترك يهدد بتفوقه وجود كل منهما على حدة، فقد يكون حليف اليوم عدو الغد والعكس صحيح ، وبهذا فإن التحالف في حقيقته عبارة عن هدنة هشة بين أطراف قد تكون متعادية في الماضي ضد خطر مشترك فإذا زال الخطر كشّر كل منهما أنيابه للآخر.))





تقسم التحالفات الدولية التي مهدت للحرب العالمية الأولى الى قسمين كان القسم الأول بقيادة اوتو فون بسمارك مستشار ألمانيا (1862-1890)الذي أراد منذ نهاية الحرب البروسية الفرنسية 1870 ونجاحه في توحيد ألمانيا أن يبقي فرنسا في عزلة حتى لا تستطيع عقد ايه تحالفات مع قوى أخرى كروسيا القيصرية أو المملكة الثنائية النمسا والمجر وتشن حربا انتقامية لإستعادة الألزاس واللورين فقد قال بسمارك في هذا الشأن:
( نحن في حاجة لمنع فرنسا من أن تجد حلفاء اذا ماكانت لا ترغب في البقاء في سلم ولن تكون فرنسا خطيرة بالنسبة لنا ما دامت بدون حلفاء).
ثاني تلك الأهداف التي أراد بسمارك تحقيقها هو الحفاظ على المكانة التي وصلت إليها ألمانيا  دوليا وأن تتاح لها الفرصة لبناء قوتها الذاتية في ظل السلام الأوروبي.
فقد امتازت سنوات ما بعد الحرب البروسية الفرنسية بتقدم واسع الخطى في مجال الصناعة والتجارة الألمانية وأصبحت لألمانيا الزعامة في فروع مهمة من الصناعة الجديدة وهي الصناعات الكيماوية والكهربائية والتحويلية وأصبحت الامبراطورية الألمانية أول دولة في القارة الاوروبية في استخراج الفحم الحجري .
وقد كانت لقوانين التأمين الإجتماعي التي تعتبر سابقة ألمانية سببا في أن  يسير المجتمع الالماني إلى التقدم السريع .
لقد تمكن بسمارك حقا من ادارة دفة العلاقات الدولية لصالح ألمانيا وأن يكون هو المحرك الرئيسي فيها لذا يطلق بعض المؤرخين على هذه المرحلة مصطلح المرحلة البسماركية في السياسية الدولية .
كان نظام الأحلاف الذي أقامه بسمارك على مرحلتين يطلق على الأولى
(1) النظام البسماركي الأول:حلف الأباطرة الثلاث
Three Emperor League

ضم هذا الحلف الامبراطوريتين الألمانية والنمساوية المجرية والامبراطورية الروسية وقد كان لهذه الامبراطوريات الثلاث مصالح مشتركة قادتها للتحالف في 6مايو 1872  وتنحصر تلك الاهداف باستمرار الاوضاع الراهنة في اوربا و مقاومة الحركات الاشتراكية والعمل على ايجاد حل ودي لمشاكل البلقان.
في سنة 1873 ألحق بسمارك هذه الاتفاقية باتفاقيتين الاولى كانت مع روسيا وهي عبارة عن معاهدة دفاعية تنص على انه في حالة وقوع هجوم على احدى الدولتين فعلى حليفتها أن تمدها بمائتي ألف جندي .
أما الاتفاقية الثانية فكانت عبارة عن اتفاق شخصي بين الأباطرة الثلاث يتعهدون بموجب هذا الاتفاق بالتشاور في حالة اختلاف وجهات النظر وفي حالة حدوث أمر يهدد السلام الأوروبي .
إلا أن قلب بسمارك كان مع النمسا فهو لم يرتح قط لروسيا لذا سارع بعد انتهاء مؤتمر برلين 1878  إلى عقد معاهدة سرية مع النمسا في 1879 ضد روسيا نصت على أن يساعد كلاهما الآخر في حالة وقوع إعتداء روسي وفي حالة عدوان من دولة ثالثة على اي منهما تلتزمان الحياد الودي !
وبحلول عام 1881 عقد بسمارك اتفاق جديد اعاد الحياة لحلف الاباطرة الثلاث ونص على أن تقف الدول المتحالفة موقف الحياد المشوب بالود في حالة وقوع اعتداء من دولة رابعة وأن تأخذ كل منهما مصالح حليفتها في البلقان في حسبانها وقد تأكد هذا الوفاق في معاهدة (إعادة الضمان) السرية بين روسيا وألمانيا سنة 1887 .
النظام البسماركي الثاني (الحلف الثلاثي)
جاء هذا التحالف اكمالا للمعاهدة السرية التي عقدها بسمارك مع النمسا بزعامة (آندراسي) وزير خارجية النمسا 1879 وكان انضمام ايطاليا إليه في 20 مايو 1882 ذا أهمية كبيرة لكلا الأطراف المتحالفة فقد رأت ايطاليا في هذا التحالف فرصة لإنهاء تهديد بابا روما بالاستعانة بالاسرة الكاثوليكية الحاكمة في النمسا مما سيؤثر سلبا على الأوضاع الداخلية في ايطاليا . كما أن ايطاليا ستحصل بموجب هذا التحالف على مساندة المانية ونمساوية في طريقها لتحقيق مشاريعها الاستعمارية في البحر الابيض المتوسط
وخوف ملك ايطاليا من النزعة الجمهورية في بلاده ورغبته في التحالف مع دول ذات أنظمة ملكية .
أما ألمانيا فقد رأت بدخول ايطاليا إلى جانبها فرصة لا تفوت لتشتيت تركيز فرنسا في جبهتين ايطالية وألمانية بينما رأت النمسا أن ايطاليا ستكف عن مطالبتها بالاراضي الايطالية التي تقع تحت نفوذ النمسا والمجر.
وقد نص الاتفاق على مايلي
(1). في حالة عدوان فرنسي على ايطاليا يجب على ألمانيا والنمسا تقديم المساعدة لها .
(2). الحياد في حالة عدوان من دولة ثالثة.
(3). في حالة عدوان فرنسي على ألمانيا تقوم ايطاليا بتقديم المساعدة لها.

وكان بسمارك قد أشرف بنفسه على اتفاقيات البحر المتوسط السرية عام 1887 بين بريطانيا وإيطاليا التي كانت ضد فرنسا حيث أكدت الاتفاقيات رغبة الدولتين في ابقاء الوضع كما هو عليه في البحر المتوسط ومساندة ايطاليا لبريطانيا في خلافهما مع فرنسا بشأن الوجود البريطاني في مصر وفي المقابل تقوم بريطانيا بتأييد مطالب ايطاليا في الشمال الأفريقي.
والنتيجة كانت :
سيطرت القطبية الواحدة المتمثلة بالهيمنة الألمانية مما أدى إلى حدوث اختلال في ميزان القوى كما أن نظامي بسمارك لم يكونا سوى تحالفات متشابكة والتزامات متناقضة فبينما التزمت المانيا بموجب معاهدتها مع النمسا والمجر سنة 1879 بمساعدتها في حالة وقوع هجوم روسي عليها والتزامها في معاهدة اخرى مع رومانيا 1883 بتقديم العون العسكري في حالة اعتداء روسي نرى ألمانيا تتعهد بالوقوف على الحياد في حالة دخول روسيا حربا مع دولة ثالثة في معاهدة اعادة الضمان 1887 عدا أن استمرار هذه التحالفات كان يعتمد بشكل أساسي على ابقائها سرية قدر الإمكان .!
لذا انتهت هذه التحالفات بمجرد خروج بسمارك من الحكم سنة 1890



الوجه الخفي للحرب العالمية الأولى
(4)
التحالفات الدولية بعد سقوط بسمارك
القطبية الثنائية 

مع ازدياد التفوق الالماني في القارة الأوربية وعملها على عزل روسيا عن مسرح السياسة الأوروبية وتوتر العلاقات الروسية النمساوية بسبب البلقان والعلاقات الروسية البريطانية بسبب الصراع على اقتسام مناطق النفوذ في ايران وأفغانستان  وقع المحظور الذي خشي منه بسمارك وهو حدوث أي نوع من التقارب بين فرنسا وروسيا الذي كان على عدة مراحل :
في المرحلة الأولى أخذ التحالف شكل الوفاق الروسي الفرنسي سنة 1891
وبعد تردد روسي طويل حيث كانت روسيا تخشى أن تستغل فرنسا هذا التحالف العسكري لشن حرب انتقامية على المانيا لإستعادة الألزاس واللورين …
تمخضت المفاوضات الثنائية بين روسيا وفرنسا عن ابرام معاهدة عسكرية ضد ألمانيا في ديسمبر 1893 يقتضي هذا التحالف أن تقدم كل منهما المساعدة العسكرية لحليفتها إذا هاجمتها المانيا وأن تقوم كل منهما بالتعبئة العسكرية بمجرد قيام أحد أطراف الحلف الثلاثي بذلك وبالتالي أصبح هناك تحالف قوي يقف في مقابل الحلف الثلاثي مع ميلان كفة القوة العسكرية والإقتصادية لجانب دول الحلف الثلاثي بسبب تفوق ألمانيا العسكري والإقتصادي ومايقابله  من تخلف اقتصادي وصناعي ومشاكل داخلية معقدة في روسيا إضافة إلى أن دول الحلف الثلاثي عبارة عن دول جوار مما  يجعل عملية الإتصال أسهل بينما لم تكن لأطراف الحلف الثنائي (روسيا-فرنسا)  هذه الميزة..
والجدير بالذكر أن تحالف روسيا مع فرنسا لم يقدم الكثير أو بمعنى آخر ما كانت روسيا تسعى إليه ، فهذا التحالف لم يلزم فرنسا بتقديم العون العسكري ضد النمسا والمجر منافسة روسيا في البلقان إلا إذا قامت المانيا بتقديم المساعدة لها، كما أنه كان موجها ضد المانيا وحدها على الرغم من وجود مشاكل وخلافات معقدة بين روسيا واليابان وبريطانيا والدولة العثمانية وبالتالي فانه عندما نشبت الحرب الروسية اليابانية عام 1904 لم تقم فرنسا بتقديم العون لها .
(2) الوفاق الودّي البريطاني الياباني (1902)
كان هذا الوفاق بالنسبة لليابان فرصة للإنتقام من المانيا وفرنسا وروسيا التي حاولت التقليل من مكاسبها بعد انتصارها في الحرب اليابانية الصينية سنة 1894 تمم استيلاء روسيا على "منشوريا"  وخرجت بريطانيا من عزلتها أخيرا خوفا على مصالحها في آسيا وللحفاظ على تجارتها في الصين وتم توقيع هذا التحالف في 30 يناير 1902 ومدته 5سنوات وقد نص على اعتراف كل منهما بمصالح الآخر في الصين وكوريا ، وأن تقف كل منهما على الحياد إذا اضطرت إحداهما إلى دخول حرب مع روسيا .
لقد أعطى هذا التحالف أهمية عظمى لليابان حيث باتت بعد انتصارها على روسيا في 1906 دولة كبرى ومنافسة قوية وأول دولة آسيوية تقف على قدم المساواة مع الدول الأوروبية الأخرى.

(3) الوفاق الودي البريطاني الفرنسي8ابريل 1904
لقد وضع الوفاق الودي البريطاني الفرنسي نهاية للهيمنة الألمانية على القارة الأوربية وظهور تكتل دولي يشمل بريطانيا وفرنسا واليابان وروسيا لقد أرادت فرنسا بهذا الوفاق مع بريطانيا قطع كل الوسائل لحدوث تقارب الماني بريطاني ومن ثم الحصول على اعتراف بريطاني بوجودها في المغرب إن هي أقرت واعترفت بالوجود البريطاني في مصر وبالتالي تسوية جميع القضايا الإستعمارية العالقة بينهما .
أما بريطانيا "المنزعجة" من منافسة ألمانيا لها في مجال التسلح البحري ومشروع خط حديد برلين بغداد فقد رأت في فرنسا الحليف الأقرب لها من المانيا وبأنها ستضمن بتحالفها معها انتهاء مطالبها في مصر.

تضّمن هذا الوفاق مواد علنية وأخرى سرية وبالرغم من أن المانيا رحبت علنيا بهذا الوفاق إلا أنها سعت لضربه عن طريق عقد معاهدة دفاعية مع روسيا التي بدأت بالإتجاه نحو البلقان بعد هزيمتها أمام اليابان إلا إن روسيا اشترطت موافقة فرنسا على هذه المعاهدة ، فما كان من المانيا إلا أن لجأت إلى الضغط على فرنسا عن طريق اثارة المشاكل ضدها في المغرب أسفرت عن استقالة وزير خارجية فرنسا (ديلكاسيه) وتمكنت المانيا من توقيع معاهدة (بجورك) في 24يوليو 1905 مع روسيا وقد كانت عبارة عن معاهدة دفاعية سرعان ما انتهت.
وتوالت النكسات التي أصيبت بها السياسة الألمانية بعد عقد مؤتمر الجزيرة في يناير 1906 حيث أقرّ هذا المؤتمر الوجود الفرنسي في المغرب مما مهد إلى فرض الحماية الفرنسية عليه لاحقا في 1912 ولم تقف ايطاليا حليفة المانيا موقفا صارما لجانبها ومالت إلى تأييد فرنسا بعد سماح فرنسا لها باطكلاق يدها في ليبيا ومع ذلك قامت بتجديد لإتفاقية الحلف الثلاثي.

(4) الوفاق الروسي البريطاني 1907
كان لهزيمة روسيا أمام اليابان وشعور روسيا بعجزها عن منافسة بريطانيا في الشرق الأقصى وأواسط آسيا ومن ثم يمكنها التوجه نحو البلقان .
كان الإتفاق الودي بين روسيا وبريطانيا بواسطة فرنسية ويتضمن تسوية الخلافات حول أراضي التبت وأفغانستان وايران ويتبع ذلك حرية التبادل التجاري لكلا البلدين معها أي انتهاج سياسة (الباب المفتوح) في عملية التبادل التجاري .

وجه هذا الإتفاق ضربة قاضية لألمانيا فسعت جاهدة إلى عقد اتفاقية مع فرنسا في فبراير 1907 اعترفت بموجبها بوضع فرنسا في المغرب .
وعقدت معاهدة أخرى مع روسيا في نوفمبر 1911 لحل القضايا المعلقة بينهما بخصوص انشاء خط سكة حديد بغداد وعدم تدخل أي منهما في مصالح الأخرى في ايران.

لقد أوجدت هذه السلسلة من التحالفات أجواءَا من التوتر الدولي الذي مهد وهيأ الأجواء لحرب عالمية .
مما أدى إلى فقدان الثقة بين الدول وأن تقوم العلاقات بينها على أساس الإرتياب والشك وعدم الثقة.
ليدخل العالم في سباق محموم للتسلح لم تتمكن أي وسيلة إيقافه أو محاولة الحدّ من سرعته..


الوجه الخفي للحرب العالمية الأولى
(1914-1918)
(5)
سباق التسلح





(لايمكن أن يوجد شيء أوضح من حقيقة أن الحرب الحديثة تتحول إلى محاولة لخنق حياة الأمة ، إذ أنها تُشَن باستعمال قوة الأمة كلها وهدفها المطلق هو الضغط على شعب العدو وامتحانه بكل وسيلة ممكنة لإرغام حكومة العدو على الإذعان للشروط)

* هيئة أركان البحرية البريطانية

يمكن اعتبار سباق التسلح أحد عوامل نشوب الحرب العالمية الأولى ومظهر من مظاهر التوتر الدولي وهو يعكس بكل تأكيد شعور كل دولة من دول القارة بأنها مهددة ومعرضة للهجوم في أي وقت.
وقد ظهر سباق التسلح في القارة الأوربية بمظهرين الأول …
سباق التسلح في المجال البحري
وتعتبر انجلترا والمانيا رائدتا هذا السباق فقد بدأت المانيا منذ 1897 بانشاء اسطول حربي يعطيها وضعا منافسا لإنجلترا وبالتالي يمكنها من أن تأخذ مكانها تحت الشمس وأن تضمن حياد بريطانيا وأخذ وعد منها بعدم الهجوم عليها .
كان رد الفعل البريطاني على ذلك بإقامة قاعدة بحرية ضخمة على شاطيء اسكتلندا في مواجهة قناة (كييل) الالمانية وإلى انتاج نوع جديد من المدمرات الحربية الثقيلة .
حاولت بريطانيا انتهاج سياسة المفاوضة مع الالمان على أمل تحويل الأموال التي كانت ستنفق على التسلح إلى عمل بعض الإصلاحات الإجتماعية ، لكن هذه المفاوضات  لم تحقق أي نجاح وكان آخر هذه المحاولات عام 1912 قدمت فيه الحكومة البريطانية لألمانيا وعداً بعدم العدوان عليها دون تقديم الوعد بالحياد في حال دخلت المانيا الحرب مع دولة أخرى وفي المقابل قبلت الحكومة الالمانية الإبطاء في عملية التسلح البحري ، وفيما بعد استطاعت دول الوفاق الثلاثي روسيا وبريطانيا وفرنسا التنسيق فيما بينها في مجال الدفاع عن خطوط المواصلات البحرية مما وسع الفارق بين دول التحالف الثلاثي ودول الوفاق الثلاثي لصالح الأخيرة…

(2) سباق التسلح في المجال البري

خاضت هذا السباق كل من فرنسا وروسيا من جهة وألمانيا والنمسا المجر من جهة أخرى .
 وقد بلغ هذا التنافس نقطة الذروة في 1913 عندما صدرت قوانين عسكرية المانية رفعت عدد الجنود في زمن السلم من (623000) إلى (880000) وصدور قوانين مشابهة لها في النمسا والمجر حيث زاد تعداد جيشها من 100 ألف رجل إلى 160ألف رجل.
وفي 7 آب 1913 زادت فرنسا مدة الخدمة العسكرية من سنتين إلى ثلاث سنوات مما يكفل بالتالي تحضير أكبر عدد من الجنود في حالة وقوع الحرب.
بينما وضعت روسيا برنامجا يزيد من قوة جيشها وعدده حتى أصبح 1،8 مليون رجل .. حتى أن روسيا قررت أن تكون زيادة عدد الجنود الروس كزيادة موزعة على كل أربع سنوات أي أن الجيش الروسي يجب أن يبلغ كامل قوته في 1917.

كان لهذا السباق أثره الكبير في تغذية الرأي العام ضد الدولة المعادية فقد أرهقت حكومات القارة شعوبها بمزيد من الضرائب لتغطية نفقات التسلح.
ثم أن توفر السلاح وتطوره في أي دولة يجعلها تحتكم إلى استخدامه فورا كحل سحري حين تتعقد المشاكل بمعنى آخر
أصبحت الحرب هي مصباح علاء الدين السحري القادر على حل أصعب المشكلات….



أوربا قبل وبعد الحرب العالمية الأولى

الوجه الخفي للحرب (6)


سياسة حافة الحرب الأزمات الدولية التي مهدت للحرب العالمية الأولى


(أ) أزمة أغادير


(ب) القضايا البلقانية


أزمة ضم البوسنة والهرسك
(ج) الحروب البلقانية

                                            زورق مدفعية "إس.إم.إس بانثر" التي ارسلتها ألمانيا لتهديد فرنسا بقصف مدينة اغادير.
كتب البارون (هولشتاين) مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الالمانية ما يلي:
"يجب على المانيا أن تتدخل في القضية المراكشية  لأسباب اقتصادية وللدفاع عن جاهها ونفوذها ويجب ألا تترك قضية كبرى تسوى خارجها ، مهما كانت وفي أي جزء من أجزاء العالم"
بعد هزيمة المانيا سياسيا في مؤتمر الجزيرة1906 واطلاق يد فرنسا في مراكش باتفاق اوروبي رأت أن معارضتها للإجراءات الفرنسية في مراكش قد يمحوآثار هزيمتها الدبلوماسية.
وقد جاء أول تصرف الماني عنيفا إذ أرسلت الحكومة الألمانية المدمرة (البانثر) إلى ميناءأغادير في
1 يوليو 1911 داعمة بها مطالبها بالحصول على تعويض مناسب بأن تأخذ المانيا الكونغو الفرنسي كله.
إلا أن وقفة بريطانيا إلى جانب فرنسا ضد المانيا جعلت القيصر الالماني يرضى بجزء من الكونغو الفرنسي وبهذا أصبحت لفرنسا حرية التصرف أكثر في مراكش مما أدى إلى أن تفرض الحماية عليه في 1912.
ورغم أن الذي يجمع بين فرنسا وبريطانيا وفاق وليس تحالف فقد أعطت بريطانيا بموقفها المتصلب إلى جانب فرنسا صفة التحالف لهذا الوفاق حيث أن الوفاق لا يلزم أحد الأطراف دخول الحرب إلى جانب الطرف الآخر على العكس من التحالف .
وقد بان واضحا لألمانيا أنها لو أعلنت الحرب على فرنسا بسبب القضية المراكشية بأن بريطانيا ستقف لصف الفرنسيين وهو ما  جعلها تتخلى عن مطالبها .
وبتأثير الأوساط الإقتصادية وضع في شباط 1909 اتفاق فرنسي ألماني بموجبه قبلت المانيا ألا تهتم بمراكش من الناحية السياسية وتفسح المجال لفرنسا بتوطيد حمايتها شريعة أن تقبل بتقسيم الأرباح الاقتصادية واستثمار مراكش مع المانيا مثل انشاء الخطوط الحديدية المراكشية..


القـــضايــا البــلقانيــة


بحلول سنة 1908 شهدت منطقة البلقان عدة تغيرات مهمة جعلت من هذه المنطقة الشرارة التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الأولى ..
فقد اتجهت روسيا بعد هزيمتها على يد اليابان سنة 1905 إلى التوسع في البلقان كما تصاعدت الروح القومية لدى العناصر السلافية في البلقان خصوصا بعد صعود حزب الاتحاد والترقي إلى الحكم في الدولة العثمانية سنة 1908 بينما شرعت النمسا والمجر بعد معاهدة براغ 1866 في بناء قوة عسكرية تخول لها السيطرة على أكبر جزء من البلقان سواء كان ذلك على حساب روسيا أو الدولة العثمانية وأولى تلك الأزمات كانت :
(1) أزمة ضم البوسنة والهرسك
أرادت النمسا والمجر أن تحقق خطتها بضم البوسنة والهرسك قبل أن تستعيد روسيا قوتها العسكرية وقبل أن تتمكن حكومة الاتحاد والترقي من المطالبة بعودة الإدارة العثمانية لإقليمي البوسنة والهرسك.
وقد كانت النمسا والمجر قد تولت ادارة هذين الإقليمين وفقا لقرارات مؤتمر برلين 1878
وفي اكتوبر 1908 أعلنت النمسا ضم البوسنة والهرسك مع اعادة اقليم (نوفي بازار) إلى الدولة العثمانية وأعلنت كريت انضمامها إلى اليونان ومن هنا يحق التساؤل لماذا تعتبر هذه الأزمة نقطة انطلاق نحو الحرب ؟؟
لقد أثار ضم النمسا والمجر لإقليمي البوسنة والهرسك سخط صربيا وقد كان لصربيا أسبابها الكثيرة فمن ناحية جغرافية فصربيا بحاجة لمنفذ إلى الساحل الأدرياتيكي خصوصا أنها ذاقت ويلات الحصار الذي أعلنته عليها مملكة النمسا والمجر فيما عرف بحرب الخنازير (1905-1906) ثم كان تصاعد الشعور القومي لدى الصرب المتمثل بحركة (الجامعة الصربية) ووجود مطالبات صربية بضم الصربيين الموجودين في البوسنة والهرسك لصربيا منذ أيام الإدارة العثمانية .
ولذلك أعلنت صربيا التعبئة العامة وكونت فرقا شعبية لمقاومة الزحف النمساوي على البوسنة والهرسك وقد ردت النمسا والمجر على ذلك بإعلان التعبئة العامة والتهديد بإعلان الحرب على صربيا إن هي رفضت الإذعان.
وقفت المانيا إلى جانب النمسا مما دفع الصرب إلى الخضوع أمام قوة التحالف الألماني النمساوي المجري خصوصا أن بريطانيا وفرنسا أرادتا الوقوف بعيداً.
من ناحية أخرى أعلنت الدولة العثمانية التعبئة العامة ومقاطعة المنتوجات النمساوية المجرية إلا أنها في النهاية تنازلت عن اقليمي البوسنة والهرسك مقابل تعويض مالي مقداره 2 مليون جنيه استرليني..
أما في روسيا فقد تمكن (اهرنتال) السياسي النمساوي من انتزاع اعتراف منها بضم البوسنة والهرسك مقابل تعويض لروسيا يتضمن السماح لها بمرورأسطولهاالحربي عبر مضائق البسفور والدردنيل -مضائق عثمانية-
في اتفاق سري مع معرفة (اهرنتال) المسبقة بأن بريطانيا لن تقبل إلى جانب فرنسا بالطبع بتنفيذ مثل هذا التعويض .
لقد غيرت هذه الأزمة من طبيعة الأحلاف التي تحولت من تحالفات دفاعية إلى هجومية … ومن ناحية أخرى ازداد تمسك روسيا بفرنسا وبريطانيا بعد شعورها بعظم الخطر النمساوي الالماني بينما انتهجت ايطاليا سياسة مزدوجة فقد قامت بتوقيع اتفاق (راكونيجي) مع روسيا سنة 1909 يتضمن وعدا من ايطاليا بالحفاظ على الوضع الراهن في البلقان  في حالة حدوث هجوم نمساوي مجري مقابل اعتراف روسيا بحقوق ايطاليا في طرابلس ومع كل هذا قامت ايطاليا بتجديد اتفاقية الحلف الثلاثي لمدة 6 سنوات عام 1912


الحروب البلقانية (1911-1913)

في عام 1912 نشأت العصبة البلقانية وهي عبارة عن تجمع الدول البلقانية المستقلة ضد الدولة العثمانية وهي صربيا وبلغاريا واليونان وإمارة (مونتينيغرو)الجبل الأسود عبر سلسلة من الأحلاف بدأت بتحالف دفاعي صربي في 29 فبراير 1912 يتعاونان فيه في حالة وقوع هجوم من جانب دول أخرى أو حاولت احدى الدول الحصول على منطقة من مناطق البلقان الخاضعة للدولة العثمانية.
وتبعتها اتفاقية مكملة تعهدت بلغاريا فيها باعلان الحرب والهجوم على النمسا والمجر والدولة العثمانية إذا حاولت أي منها الهجوم على صربيا .
وفي 10 مايو 1912 عقد حلف آخر بين بلغاريا واليونان انضمت إليه امارة الجبل الأسود باتفاق شفوي.
لقد توجهت مطالب العصبة البلقانية في الحصول على اقليم مقدونيا وتقسيمه بينها خصوصا بعد تصاعد التيار القومي في هذا الإقليم ووصول حزب الاتحاد والترقي للسلطة في الدولة العثمانية وهزيمتها أمام ايطاليا في الحرب الايطالية العثمانية 1911 والجدير بالذكر هو أن تداخل العناصر القومية في اقليم مقدونيا ساهم فيما بعد في وضع بذور الخلاف بين دول العصبة حيث أن عملية التقسيم على أساس قومي مسألة صعبة ومعقدة.
كيف نظرت الدول الكبرى لنشاط العصبة البلقانية؟؟
كانت روسيا بالرغم من موالاة العصبة لها حذرة في تقديم الدعم للعصبة فقد كان لروسيا شرط محدد لتقديم دعمها وهو مدى ما ستقدمه العصبة لروسيا حتى تصل إلى المضائق العثمانية .
بينما رأت الدول الأوروبية الأخرى أنه من الأفضل بقاء الوضع كما هو عليه في البلقان
المانيا كانت مترددة في الموافقة على مطالب القضية البلقانية وخشيت النمسا والمجر من أن حدوث حرب في البلقان سيؤدي إلى ازدياد قوة صربيا وبالتالي تهديد أمنها ووجودها في البلقان عن طريق العناصر السلافية الخاضعة للامبراطورية ولم تحبذ فرنسا وبريطانيا دخول أي حرب تتعلق بالبلقان لذا قامت هذه الدول بتقديم مذكرة مشتركة لدول العصبة تناشدها فيها بالتعقل وعدم تهديد السلام العالمي .. إلا أن دول العصبة تجاهلت المذكرة وسرعان ما أعلنت إمارة الجبل الأسود الحرب على الدولة العثمانية في 8 اكتوبر 1912 وتبعتها باقي دول العصبة وهكذا نشبت الحرب البلقانية الأولى .
نجحت الدول البلقانية في اجتياح معظم الأقاليم العثمانية في البلقان وتم عقد هدنة بين الطرفين في ديسمبر 1912 ثم مؤتمر للصلح وآخر للسفراء للنظر في نتائج الحرب وكانت بلغاريا شديدة النقمة على ما آلت الأمور فقد حصلت اليونان والصرب على مساحات واسعة تضم اعدادا كبيرة من البلغار مما دفعها في 25 يونيو 1913 إلى شن حرب على صربيا واليونان ودخلت إلى جانبها رومانيا .
وساندت النمسا والمجر بلغاريا لأنها أرادت الحد من توسع صربيا وكانت نهاية الحرب بهزيمة بلغاريا وابرامها لمعاهدة صلح بوخارست في اغسطس 1913 وبموجب هذه المعاهدة أصبحت الأمور كالتالي:
1. استولت رومانيا على اقليم (دبروجا) وهو الأقليم الذي دخلت الحرب من أجل الحصول عليه.
2. استولت صربيا على معظم إقليم مقدونيا
3. حصلت اليونان على أجزاء من إقليم مقدونيا بالإضافة إلى ميناء سالونيك وكافلا.
4. استعادت الدولة العثمانية (أدرنة) بموجب معاهدة صلح خاصة مع رومانيا في سبتمبر 1913
5 . ظهرت دولة جديدة وهي ألبانيا لتحول دون وصول الصرب إلى البحر الأدرياتي .
نتائج حرب أوصلت إلى حرب
زاد التقارب بين دول الوفاق الثلاثي روسيا وفرنسا وكان هذا التقارب يزداد كلما اشتدت حمى سباق التسلح البحري بين بريطانيا وفرنسا ولعل أبرز ما يدلل على هذا التقارب هو وصول كل من فرنسا وبريطانيا إلى اتفاق تتولى فيه فرنسا السيطرة على مياه البحر الأبيض المتوسط بينما تتولى البحرية البريطانية الدفاع عن سواحل فرنسا على بحر الشمال .
كما أدت الحروب البلقانية إلى ازدياد التقارب بين حكومة الإتحاد والترقي والمانيا ترجم هذا التقارب بقيام ألمانيا بإرسال خبراء ألمان لتنظيم وتدريب الجيوش العثمانية وتولى (ليمان فون ساندرس) رئاسة هيئة أركان الجيش التركي في الإستانة عام 1913 .
ازدادت قوة صربيا وتعاظم شأنها بعد امتدادها على مساحة أوسع ونشاطها في بث الدعاية بين رعايا الإمبراطورية النمساوية المجرية من السلاف للوحدة في دولة الصرب الكبرى وبهذا ازداد التوتر بين صربيا والنمسا والمجر فحاولت الأخيرة سحق الصرب بلا رحمة وبكافة الوسائل مما أدى إلى تفشي روح العداوة بين الصرب للنمسا إلى أن وصلت الأمور إلى ساعة الصفر وهي إغتيال ولي عهد الإمبراطورية النمساوية النمساوية المجرية الأرشيدوق فرديناند في سراييفو عاصمة البوسنة في 28 حزيران 1914






الأرشيدوق فرانس فرديناند ولي عهد النمسا وزوجته

لم يكن السلاف في البوسنة والهرسك راضين بالطبع عن التحاقهم قهرا بالنمسا وكان مجرد إعلان خبر وصول الإرشيدوق إلى سراييفو سببا كافيا إلى أن يعقد عدد من تلامذة المدارس الثانوية مؤامرة لإغتيال ولي عهد النمسا بتشجيع من جمعية صربية يرأسها رجل يدعى (آبيس)
وفي الثامن والعشرين من حزيران سار موكب الارشيدوق وزوجته عبر الشارع الرئيسي في سراييفو وفشلت أولى المحاولات التي قام بها التلاميذ حيث لعب الإشفاق على قرينة الإرشيدوق دوره في ضمائر بعض منهم..
استمر موكب الأرشيدوق بالمسير واعتبرها محاولة صبيانية قام بها مجموعة من التلاميذ إلا أنه قرر مغادرة المدينة التي لم يكتب له القدر مغادرتها حيا فقد نجح أحد التلاميذ وهو (جفريلو برنسيب) من اطلاق الرصاص على الارشيدوق وزوجته.





مــاذا بعـــد:
لم تستطع النمسا عدّ هذا الحادث كغيره من حوادث الإغتيالات التي نشط بالقيام بها الداعيين بالإنفصال عنها فقد اعتبرتها النمسا إهانة لسيادتها وجريمة لا تغتفر .
ومن أجل كل هذا قامت النمسا بتوجيه انذار إلى صربيا  في 23 يوليو 1914  احتوى على عشرة بنود أهمها :
حلّ الجمعيات الوطنية الصربية التي تقوم بالدعاية ضد النمسا والمجر،إغلاق الصحف ومراقبة المدارس حتى لا يبث المدرسون كراهية النمسا والمجر بين التلاميذ ومصادرة الكتب المدرسية التي تتضمن دعاية مضادة للإمبراطورية .
عزل القادة والموظفين الذين عرفوا بكراهية النمسا وأن يسمح للنمسا والمجر بالإشتراك مع السلطات الصربية في التحقيق أي أنها ستقوم بإرسال شرطة إلى صربيا للتحقيق مع القتلة .

قبلت صربيا كل الشروط ما عدا شرط التحقيق فاعتبرت النمسا هذا رفض للإنذار فأعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية معها في 25 تموز 1914 وفي ذات اليوم أعلنت روسيا أنها لن تسكت على أي إجراء تقوم به النمسا ضد صربيا المؤيدة لها في البلقان ..
إلا أن النمسا وبعد ثلاثة أيام أعلنت الحرب على مملكة صربيا ونتيجة لذلك قامت روسيا بإعلان التعبئة الجزئية لقواتها المسلحة في 29 يوليو وفي 30 يوليو اعلنت روسيا التعبئة العامة.
وفي 31 تموز وجهت ألمانيا انذارا إلى روسيا بضرورة العدول عن قرار التعبئة العامة وفي 1 آب أعلنت المانيا الحرب على روسيا..
وكان اعلان فرنسا موقفها إلى جانب روسيا ضد ألمانيا إلى جانب إعلانها التعبئة العامة سببا لأن تعلن المانيا الحرب على فرنسا في 3 آب  وتوجيه انذار للحكومة البلجيكية بالسماح للقوات الالمانية العبور عبر أراضيها لمهاجمة فرنسا من الشمال كما طالبت بريطانيا بأن تقف على الحياد مقابل ضمان استقلال بلجيكا وهولندا بعد الحرب لكن كان قرار بريطانيا دخول الحرب إلى جانب فرنسا وروسيا 4 آب 1914
بعد ذلك قامت النمسا والمجر بإعلان الحرب على روسيا وانضمت امارة الجبل الأسود إلى صربيا وفي 6 اغسطس تم قطع العلاقات بينهما وبين المانيا .
وبعد يومين أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على النمسا والمجر ..
وهكذا وخلال أسبوع واحد تحول إعلان الحرب الذي بدأته كل من صربيا والنمسا إلى حرب أوروبية أصبحت عالمية لاحقا عندما انضمت لها كل من الإمبراطورية العثمانية في 31 اكتوبر 1914 والولايات المتحدة في 6 ابريل
1917

 
العوامل الإجتماعية






(كــــان المجندون يسارعون إلى وحداتهم في عرض أوروبا وطولها .
وكانــــت القطارات حاملات الجنود تقرقع على قضبانها إلى حيث تقتضي الخطط المرسومة .
إن الجماهير تتظاهر بحماس في كل عاصمة وتنفجر صائحة إلى باريس أو إلى برلين والبرلمانات تصوّت بالإجماع تقريبا على هذا القرار وذاك .
يـــا لها من هستيريا تدفع إلى الموت)

  قبل نشوب الحرب العالمية الأولى كتب العقيد (هاوس) تقريرا عن الجو العام في أوروبا قدمه إلى الرئيس ودرو ولسن قال فيه "الوضع استثنائي جنّ فيه جنون النزعة العسكرية"

وقد كانت اعلانات الحرب قد قوبلت بحماس شعبي كبير على الرغم من كل الجهود الدبلوماسية لتهدئة الوضع في أوروبا .
فقد كانت الشعوب الأوروبية قد وصلت إلى مرحلة الذروة في الإعداد من الناحية البدنية والذهنية لخوض حرب عالمية … وهذا يرجع إلى عدة عوامل أسهمت في حدوث هذه الحالة من الإندفاع الجماعي نحو الحرب يأتي في مقدمتها :

(1) القومية: كان لنمو الروح القومية دورا مهما وبارزا في الحرب العالمية الأولى فقد برزت الكثير من الجمعيات والأحزاب التي تبنت تقوية ونشر الشعور القومي بين أفراد المجتمع في كل دول الحرب العالمية نذكر منها :
(أ).الجامعة الألمانية : تأسست عام 1890 ولم يزد عدد أعضائها عام 1900 عن 22 ألف عضو إلا أنها تعتبر من أقوى وسائل الضغط على المجتمع الألماني .
كانت فكرتها الرئيسية أنه يجب لألمانيا أن تتوسع إلى أن تصبح دولة عالمية عن طريق الحرب إذا دعت الضرورة…
وطالبت الجامعة أيضا بتأسيس المانيا الكبرى من برلين إلى بغداد اضافة إلى بناء قوة بحرية كبيرة لحماية المانيا واحراز الإحترام لها .
وقد كانت هذه الجمعية تعبر عن مواقفها القومية المتطرفة سواء أثناء حرب البوير ومحاولات بريطانيا تهدئة القيصر الألماني وحين أذلت ألمانيا في الأزمتين المغربية .
وتأسس في 1912 رابطة قومية أخرى هي جمعية الخدمة العسكرية للدعوة إلى الإستعداد لحرب اوروبية وشيكة وخلال عام واحد انضم إليها نحو 78 ألف عضو و200 ألف عضو مشارك وكانت هذه الجمعية ترى أن الزيادات التي أدخلت لإصلاح الجيش غير كافية .
هذا في المانيا أما في بريطانيا فقد نشأت فيها رابطة الخدمة العسكرية الوطنية عام 1902 وكانت رسالتها تدعو إلى معالجة نقاط الضعف العسكرية والوطنية وهدفت أيضا إلى ضمان ادخال شكل من الخدمة العسكرية الإلزامية في زمن السلم .
عجزت الرابطة في احداث أي تأثير ولم تكن تضم أكثر من ألفي عضو في العام 1905 إلا أن حدة التنافس الألماني البريطاني في مجال التسليح البحري جعل عدد الأعضاء في ازدياد حتى وصل إلى 200 ألف عضو عندما نشبت الحرب ومع هذا فقد فشلت الجمعية في تحقيق هدفها وهو تطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية..
أيضا برزت حركة الكشافة أو الحركات الشبابية التي دعمت وعززت من الروح الوطنية رغم عدم دخولها مجال النشاط العسكري ومنها على سبيل المثال في بريطانيا (لواء الفتيان)و (رابطة الفتيات البريطانيات) .
أما في ألمانيا فقد كانت الحركات الشبابية على ارتباط وثيق بالجيش ومن أقوى هذه الجمعيات كانت جمعية الخدمة العسكرية والجمعية الحربية وجمعية ألمانيا الفتية..
(ب). الصحافة والمطبوعات: في بداية القرن العشرين لعبت الصحافة والمطبوعات العسكرية دورا كبيرا في اعداد الأمم الأوروبية للحرب المقبلة بالنسبة للصحافة الألمانية فقد استطاعت اذكاء الروح اليمينية المتطرفة وقد فقدت الحكومة السيطرة على هذا السيل المتدفق من الصحف كما هو الحال في بريطانيا أيضا.

أما المطبوعات فقد راجت في بريطانيا وفرنسا وألمانيا على حد سواء قصص الغزو واحتمال نشوب الحرب والجاسوسية منذ 1871 وبالطبع هذه القصص والروايات التي وضعت كل تركيزها في تمجيد الدفاع الوطني ساهمت إلى حد كبير في ازدياد الشعور بالخوف من الأجانب وتقبل فكرة نشوب حرب ضارية بين الأمم الأوروبية واضفاء سمة رومانسية عليها..




  1. الوجه الخفي للحرب العالمية الأولى (1914-1918)
    المراجع
    (1) تاريخ القرن العشرين، بيير رونفن ، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة باريس .
    (2). الحرب العالمية الأولى، إعداد وتحقيق عمر الديراوي ، دار العلم للملايين بيروت ،لبنان
    (3)الحرب والمجتمع في أوروبا 1870-1970 ل برايد بوند
    (4)تطور السياسة الدولية في القرنين التاسع عشر والعشرين للدكتور محمد السيد سليم أستاذ الإقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة ، دار الأمين للطباعة والنشر القاهرة
    (5) دراسات في التاريخ الأوروبي الحديث والمعاصر ،الدكتور خليل علي مراد والسيد جاسم محمد حسن العدول والدكتور عبدالجبار قادر غفور . جامعة الموصل كلية التربية.
    (6)التاريخ الأوروبي المعاصر ،الدكتور عبدالعزيز سليمان وعبدالمجيد النعنعي ،بيروت دار النهضة العربية 1973
    (7) تاريخ أوروبا في العصر الحديث ، فشر
    (8) العالم في القرن العشرين ، لويس شنايدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...