الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

رقائق روحانية 3

 

لنا ضوء العناوين المحفوظة في ذاكرة الجذور..  

فكيف يتلاشى هذا الضوء والحب باعثه فينا. 

كيف يتجمد هذا الضوء وقد اشتعل من ثبات ﺭﺅانا. 

لنا يقين الفرح الآتي... 

حين نحب تسقط الهموم والمتاعب في خانة الصفر... 

ويفيض الجمال متمثلاً بصورة حب ناطقة بألوان ومعالم مدينة أنيقة لا نهاية لحدودها في قلوبنا.


الثلاثاء، 1 أكتوبر 2019

في البعد الرابع لأحلامنا...




حــوار مُتخيَّل بين صديقين:
 - ها قد وجدتك أخيراً، أخبرني الآن ما الذي حصل معك بالتفصيل؟ 
- لا .. لا أستطيع وأرجو أن تلتمس لي العذر فأنا -كما تعلم- لا أحب سرد التفاصيل، ولا أجد ذلك مناسباً الآن..
- لكني لا أعلم سبب إصرارك على الإحتفاظ بها لنفسك بينما تدرك بكل تأكيد مدى اشتياقي لسماع أخبارك !
- أتسخر مني ولم أقل شيئاً بعد؟!
- لا لا أبداً لست من أولئك المترفين المتنعّمين بمباهج اللامبالاة، فأنا أكثر من يشعر بآلام الآخرين وأول من يفهم دلالات صمتهم.!
- حسناً، القصة باختصار أني لم أتوقف عن الحلم طوال ثلاثين عاماً... كنت أحلم وأحلم ولم أنم أبداًً!
-رائع! أكمل يا صديقي..
- سأخبرك بكل شيء على الرغم من أن انفعالاتك تلك ، وحساسيتك المفرطة تجاه التفاصيل تزيدان من توتري وقلقي..إلا أنني ممتن جداً لذلك ولا أبالغ إن قلت و سعيد أيضاً ..
- الأهم بالنسبة لي الآن أن تكون بخير، هذا ما أتمناه حقاً.
-كما قلت لك قبل قليل ، لم أتوقف عن الحلم يوماً، لكن في يومٍ من الأيام وتحديداً في ذلك الوقت الذي انتهت فيه واحدة من أكثر محاولاتي جرأة وموضوعية لفهم واستيعاب ظروف الحياة.
- نعم. ماذا حصل ؟
-كان تعب الإنتظار قد تمكن مني..فغفوت على صخرة الحقيقة ونجوت...وها أنا ذا أمامك.
- وهل حظيت أحلامك بنفس المصير ؟
- لا أعرف حقاً بماذا أجيبك، ما أشعر به الآن يجعلني تقريبا عاجزاً عن إيجاد أي تفسير، وعاجز أيضاً عن إقناع نفسي بأن كل شيء طبيعي بينما أرقب روحي وهي تتلاشى في نقطة مجهولة لا أستطيع إدراكها أو اللحاق بها!!
- هذا كلام لا يصدق !
- لقد كان لأحلامي وهج حضورها المميز ، ولا زلت أذكر ذلك جيداً، من لحظة انباثقها بهدوء وسلاسة في مخيلتي حتى تسقط في يقين قلبي كشلال هادر. لكن لا شيء الآن إلا هذا السكون الرهيب المقيم في أعماقي..
أصبحت يا صديقي كشجرة صبّار مهملة في صحراء قاحلة، تعد أيامها الزاحفة إليها دون ترقب أو لهفة تخفف عليها وطأة العزلة والإنتظار، مشغولة بحزنها عن كل ما قد يبعث فيها روح الحياة حتى لو كانت رغبة بافتعال جدال مع سحابة عابرة، أو مغازلة مع طيف سراب ممعن في العبث.
- عجيب أمرك يا صديقي خصوصاً أني لم أعهدك هكذا من قبل !
- صدقني أنا تلك الشجرة التي لو تأملتها ألف عام لن ترى في غزارة أشواكها وامتدادات فروعها الباهتة في الفراغ سوى آثار تعاقب الفصول وما تحفره بقسوة فينا من تبدلات وتغيرات.
- لكن لا يُفترض أن يحدث معك ذلك حتى في الخيال!
-أدرك أنك تشعر بالغرابة، وهذا أمر متوقع، لكن ما صدمني حقاً أن ذاك الذي ظل طول الوقت حبيسا في أعماقي ها هو يَصُول ويَجُول حولنا، مما يؤكد أن الحياة قد تخلت عني وتركتني، أشعر كأني شخص ميت يعيش في أحلامه.
- رجاءً توقف عن قول هذا الهراء... فقط انظر إلى وجهك المنعكس في عيني سترى إنساناً مفعماً بالحياة... وأنت أكثر من يعرف أن لك قلباً محارباً لا ترهبه الشدائد ولا تهزمه الخطوب.
-أنت محق! لقد كنت بالفعل أملأ فراغات حيرتي بالهذيان
-لا تبالغ في لوم نفسك فهذا حال تعساء الحظ أمثالك مع أحلامهم.
-كيف يكون حالهم؟
-تماماً كحالك أنت، قوم لا تفارقهم طبائع اليأس،ولو تأملتهم قليلاً لعرفت ما ينقصهم، ولأدركت ما غاب عن ذهنك بسبب اضطراب قلبك، ألا وهو فهم أعمق لطبيعة الحياة، والتحلّي بنظرة أكثر إنصافاً لواقعهم تجعلهم لا يستكثرون على أنفسهم فرحة الإستماع لنبضات أحلامهم سواء تحققت تلك الأحلام أو لم تتحقق بعد.
- لكن كيف تفسر سكون نفسي؟
-ببساطة يا صديقي طالما أنك لم تسعَ إلى حلمٍ جديد فهذا يعني أنه لم يعد لديك سوى ظلك رفيقاً لخطواتك المتعبة، فلا يوجد تصرف أكثر جنوناً وعبثية من سجن أنفسنا في دائرة حلم قديم في حين أن كل ما يجري في هذا الكون يحثّنا على أخذ موقعنا الجديد على خارطة الوعي!
- هذا هو النضج أليس كذلك؟
- إلى الحدّ الذي ينعش قلبك ويجدد روحك، نعم.
-ما أتعسني لولاك يا صديقي!
- لا شك في ذلك...

الأربعاء، 12 يونيو 2019

لا أحدٌ سواك عند الإجابة يعنيني !


نعم, يمكنك أن تكون عالمي الذي لا حدود له ولا قرار ،ما دام  إسمك أهم مطلب تهتف به ذاكرتي، ولم أكن يوماً من الذين يمرون على الأسماء والكنايات دون إلقاء بال لما تقوله مضامينها..  
ويمكنك أن تكون الغائب الحاضر أو الحاضر الذي لا يغيب أيها المتجذر في ألوان الفصول وكمال غاياتها!
ولأنك الحقيقة المجردة من كل وهم؛ لم أعد أبالي بمنطق الصمت أو بنتائج الغياب يكفي أن أسكب فضة إسمك في عتمة الأشياء كي أتحرر به من قوى الفراغ والأصداء، وخلاصة القول هي أن لا أحدٌ سواك عند الإجابة يعنيني !

الاثنين، 20 مايو 2019

في الكوميديا..

يشير مصطلح الكوميديا إلى كل عمل فني أو أدبي يحمل طابعًا ترفيهيًّا وله نهاية سعيدة ، بحيث يتميز النوع الهادف منها وهو الأكثر قرباً وجذباً للقلوب بمحتوى تهذيبي يخاطب العقول.
على الرغم من قلة المصادر التي تتحدث عن بدايات الكوميديا إلا أن النصوص التاريخية والأدبية تخبرنا أنها كانت في نشأتها وبداياتها واحدة من الطقوس الدينية التي كانت تقام في أعياد الزرع تمجيداً لديونيسوس، إله الخصب والنبيذ في العصور اليونانية القديمة؛ وذلك لجلب الفرح والبهجة إلى نفوس المحتفلين.و تلطيف الأمزجة الغاضبة وجعل الناس ينسون مشاكلهم وأزماتهم.
بينما يقدم آرسطو في كتابه النقدي "فن الشعر" مفهوماً للكوميديا نستطيع من خلاله تلمس ملامح تطورها، فيعرفها على أنها محاكاة في جزء مشين قد يكون خطأ،نقيصة، حماقة لا يبعث علي الألم والضيق للمشاهد ولا يجلب التهلكة ويحقق عنصر الفكاهة. 
ويتضح ذلك في القناع الكوميدي المثير للضحك الذي رغم ما فيه من قبحٌ وتشويه إلا أنه لا يسبب ألماً أو أذى عندما نراه.
والملاحَظ حقاً منذ استقرت الوظيفة الإجتماعية للكوميديا أو الملهاة على يد أريستوفان (450 ق.م) أحد أعظم كتّاب الملهاة اليونانية القديمة على اعتبارها صوت المواطن العادي الذي يتفاعل وينتقد ويتذمر ويحتج ويتداخل من خلالها مع واقعه الإجتماعي والسياسي والثقافي، أنها لا تتوقف فقط عند محاكاة الأفعال الأدنى من المستوى العام للمجتمع، بل هي تعالج وتستأصل تلك العيوب والأخطاء من المجتمعات.
إذ أنها تشكل من نفسها دافعاً لتجنب كل فعل قد يكون محل انتقاد وسخرية حيث تعتمد الكوميديا (الملهاة) سواء كانت مشهد تمثيلي، أغنية، خطاب أو صورة على اقتناص المظاهر المتناقضة في الأقوال والأفعال والمواقف الإنسانية، وتقديمها للمتلقي عبر المبالغة اللاذعة، وهي صحيحة ومقبولة عقلاً وذوقاً ما دمنا نتحدث عن فن يستهدف نقد الظواهر السلبية والتسلية وإثارة الضحك. 
إن سرّ القبول والتأثير الذي تحظى به الكوميديا يكمن في زخم واقعيتها ووحدتها مع المظاهر والتفاعلات الإجتماعية والسياسية... في حين أن جميع أنواع الفنون الأخرى تقريبا ذاتية التغذية وممعنة في الفردية.
أما المحاكاة الساخرة فمن المتفق عليه أنها أسلوب نقد إجتماعي، وهو لا يتأتى إلا بالجمع بين متنافرين،أي حين يكون القول مناقضاً للمعنى أو في قول شيء والمقصود غيره، وقد يتجه هذا الأسلوب إلى الذم بصيغة المدح، أوالمدح بألفاظ ظاهرها الذم.
وبتأمل مصطلحي المفارقة (paradox) والسخرية (Irony) وبالعودة إلى أصل هاتين الكلمتين يتبين الفرق بينهما على النحو التالي : فنجد أن أصل كلمة (Irony) هو الكلمة الأغريقية (ειρωνεία) التي تعني السخرية والتهكم أو صياغة وتصدير الرأي والشعور بشكل معاكس للحقيقة أما (paradox) فأصلها الكلمة الإغريقية (παρά-δοξα) وتعني ضد الرأي، أو ما هو ضد المفهوم الشائع, وقد تأتي بمعنى التناقض الظاهري.
من هنا يتضح أن السخرية أساسها مفارقة مضبوطة على إيقاع "توقع اللامتوقع".
أما مسرحها فهو وعي الناس وقدرتهم على التمييز والتفريق بين الحقائق وكذب الإدعاء والتصنع والخداع عندما يبدع الحسّ الساخر بكشفه.
يرى ديكارت أن السخرية المعتدلة النافعة التي تأخذ العيوب،وتجعلها تظهر كأمور مضحكة،دون أن نضحك نحن أنفسنا، ودون أن نبدي أي كره للأشخاص،هي ميزة من ميزات إنسان المجتمع المهذب،وهي تظهر مرح مزاجه، وطمأنينة نفسه،وحذاقة ذكائه، بمعنى أنه يعرف كيف يعطي مظهراً مسراً أو مفرحاً للأشياء التي يسخر منها. ومع أنني أتفق تمام الإتفاق مع رؤية ديكارت إلا أني أجد أنه من النادر جداً لإبداع تمت صياغته بقالب ساخر أن يتجسد فكاهة خالصة منزوعة الألم أو الحزن!
وهو ما يدفعني إلى القول بأن الأعمال الكوميدية الخالدة في ذاكرة ووجدان الناس لم تكن إلا نتاج إدراك وفهم للأبعاد التي تتفرد الكوميديا بتقديمها أثناء تعاملها مع الأحداث والسيناريوهات المأساوية والقضايا الصعبة في الوقت الذي تكتفي فيه تراجيديا الصراع بإثارة مشاعر الخوف والشفقة والبكاء..
فالكوميديا الراقية هي قراءة عميقة وذكية لتناقضات الواقع والنفس البشرية تنقلنا من حالة التضاد بين الملهاة والمأساة أو بين الضحك والبكاء إلى حتمية التقائهما وتمازجهما في الفن والحياة ...
وأخيراً قد تختلف المعايير التي تحدد نجاح الفكرة الكوميدية بإختلاف ظروف المكان والزمان، غير أنها تبقى دوما مرهونة بتحقيق عنصر المفاجأة في حبكتها، وبالغاية التي تستهدفها لتظل محتفظة بمكانتها في ميادين التعبير كقوة وقدرة واعية، عميقة المضمون وخالية من الإسفاف والتهريج.
أيّ في اهتمامها بما يكفل أن تظل دواء الروح، والسلاح الأكثر صموداً أمام مشكلات ومتاعب الحياة. 
ذلك أن أول ما ينبغي علي الكوميديا تحطيمه تحت أضراسها،هو بؤس المجتمعات، وما تعجّ به من صنوف الخلافات والخيبات .

الاثنين، 14 يناير 2019

في لوحة الدنيا




في لوحة الدنيا، مدارات وخطوط لونية تقتضيها تشكيلات الروح والوجدان والفكر.
وهي إن اتفقت أخيراً على مغادرة الخيال، إلا أن الإرادة لا زالت في حالة من التشتت والارتباك!
كذلك تتأمل ريشة الرسام إمكانية كشف الخفاء، وهي واعية، عارفة، ومدركة أن في عمق كل لون احساس متسلط ،حاد المزاج، لن يسمح لها بالإختيار .
لكن يبقى لها ما يميزها، فهي ممتلئة بالطاقة، منتشية بالفهم والذوق
وفي لوحة الدنيا حيث تجتمع التناقضات والأضداد، آهات حزن ، وعبور غناء.
ونموذج متفق عليه يسكب ذاكرته على أوراق الروح آمراً ناهياً بما ينبغى .
ورقص وفرح بنسبية المعنى . ومحاولات تستهدف جذب القلوب نحو مركز الجمال.
والجمال يقين القلوب وبرهان صحتها وسعادتها.
في لوحة الدنيا حيرة رسام، لا يريد تكرار أنماط سابقة .
ورغم استهتاره بما سيأتي إلا أنه ما زال محتفظاً بخصائص غايته النبيلة في دالة لون يتمايل مع ريشته بخفة ليسألها مزيداً من الجنون كطفل يسأل أرجوحته متى سنصل إلى السماء؟
تَشُدّه مرونة صور الغموض، وتلك اللمحات الصوفية المتفردة بشكل يفرض عليه معياراً جديداً للتقدير والتفضيل والبدء برسم نفسه أولاً!
وبالفعل هذا ما كان في شأن نزعة تلقائية راودته، لو لم يباغته من أحوال الفكر ما جعله يتراجع عنها، ويتوقف عن الرسم متأملاً لوحة الدنيا ومتفكراً في خيرها وشرها وما تضمنته من معانٍ ودلالات وأبعاد.
إن اللجوء إلى ما أوجده الوعي البشري بكدح القلب والعقل في ميادين الحياة ليس غريباً على من تسكن في داخله روح فنية حالمة.
كذلك من الطبيعي أن يجد الرسام مبتغاه في خواطر الفهم والتأمل المتحررة من قيود الواقع، المليئة بالحكمة، والنابضة بالرمزية.
أخذ الرسام نفسا عميقا ثم أغمض عينيه لثوان طلباً للتركيز على موقف أكثر إيجابية، قبل أن يخاطب نفسه بقوله : حتى لو تسربلت المعرفة ثوب أوهامنا، لن أكون في لوحة الدنيا سجيناً للمادة ما دمت أخلع عليها ما أشتهي من الصفات. وأقوم بإهداء البشر أكثر الأعمال تفقهاً بمفهوم الجمال.
لكن ما يجعله حائراً حقاً هو الواقع الذي لا يكفّ عن الصراخ في رأسه : ألم تعلم بعد أيها المسكين أنه كلما زادت معرفة الرائي، اتسعت معها عين ادراكه للقبح والبشاعة، مما يقلل في النتيجة منسوب إيمانه!
توقفه الصدمة قليلاً لكنه لا يلبث أن يعود لأدوات الرسم ثانية.
عناده أشد ضراوة من أخبار شرور الصراعات المرعبة التي تطرق سمعه كل حين.
كل طرفٍ يشيّع قتلاه
وقلبه المثقل بتعقيدات التاريخ والجغرافيا لا يتسع للكلّ
يقع في حيرة رهيبة.
يقول في نفسه وقد أمسى مقتنعاً أن نيران الحروب والصراعات واقع لا مفر منه :
لم يكن الضحايا يوماً من يجعل نيرانها شاعلة، فخديعتها أنها تقتل ضعفاء الأمل لتستثني أقوياء الطمع والجشع ...
كم يلزم الأرض التي ضاقت بإختلاف ألوانها من مساحات نظيفة لتكبر في عين الكون وتصبح جديرة بالوجود الهندسي والرؤية ،وكل شيء يحيل الفكر إلى جوهر لونين يتصارعان، ويتسيدان فلسفة الحياة، وتجسدات الخوف والشجاعة والبطولة.
لون النار، تلك الثمرة المحرمة التي اكتوت بها روح الإنسان البدائي ، قدسها ، طوطمها، خوفا منها و اعترافا بأهميتها.
ولون النور، طائر الخير والمعرفة، الذي يسافر بصمت تتجمع في تدرجاته كل أنواع الحقيقة.
حتى يصل الينا معانقاً كوكبنا بأطيافه السماوية، فتحمله لأجسادنا روح الحياة الساكنة كل ذرة ، كل نبضة .
وأمام تلك المفارقة العجيبة التي تجسدها طبيعة متكيفة مع النور إزاء تقلبات النفس البشرية التي يصعب عليها تقبل صراحته ووضوحه  ، تكفينا وقفة صدق لنتبين أن السيطرة على الأمور السيئة مهارة لا يتقنها جميع البشر ،كما أن المرء يكون سريع التأثر بكل ما يتفق مع أهوائه ومصلحته الشخصية.
لذا دائماً ما يبدو الرسام متحذلقاً وفي قمة التفاهة إن حاول افتعال شعور أو انطباع في أذهان الآخرين لا يملك هو شخصياً امكانية السيطرة عليه...
ولأن العقل غالباً ما ينجح في استخلاص المناسب من القوانين وهو في خضم تجاربه، فقد أصبح لزاماً عليّنا أن نكون أكثر فهماً وقرباً من لوحة الدنيا، وسواء كنا رسامين أو من مجموعة المتفرّجين العالقين بين لوني النار والنور، لا مناص من إيجاد استجابة تمنح صاحبها قيمة شجاعة حرف (الواو).
نهض الرسام أخيراً من مكانه وسار بخطوات متزنة مقتفياً آثر ما توصل إليه من مشاعر وأحكام.
تناول من أعماقه بعض الأدوات البسيطة، تأملها ثم هذبها بلطف وبدا واثقاً ومستعداً لرسم شيء ما...
ورغم أن الشرور على الأرض لم تنته بعد إلا أنه كلّما ماتت نجوم في السماء تاركة وراءها سحابة كونية لتولد منها نجوم جديدة رسم صورة  للأمل.

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...