الثلاثاء، 1 أكتوبر 2019

في البعد الرابع لأحلامنا...




حــوار مُتخيَّل بين صديقين:
 - ها قد وجدتك أخيراً، أخبرني الآن ما الذي حصل معك بالتفصيل؟ 
- لا .. لا أستطيع وأرجو أن تلتمس لي العذر فأنا -كما تعلم- لا أحب سرد التفاصيل، ولا أجد ذلك مناسباً الآن..
- لكني لا أعلم سبب إصرارك على الإحتفاظ بها لنفسك بينما تدرك بكل تأكيد مدى اشتياقي لسماع أخبارك !
- أتسخر مني ولم أقل شيئاً بعد؟!
- لا لا أبداً لست من أولئك المترفين المتنعّمين بمباهج اللامبالاة، فأنا أكثر من يشعر بآلام الآخرين وأول من يفهم دلالات صمتهم.!
- حسناً، القصة باختصار أني لم أتوقف عن الحلم طوال ثلاثين عاماً... كنت أحلم وأحلم ولم أنم أبداًً!
-رائع! أكمل يا صديقي..
- سأخبرك بكل شيء على الرغم من أن انفعالاتك تلك ، وحساسيتك المفرطة تجاه التفاصيل تزيدان من توتري وقلقي..إلا أنني ممتن جداً لذلك ولا أبالغ إن قلت و سعيد أيضاً ..
- الأهم بالنسبة لي الآن أن تكون بخير، هذا ما أتمناه حقاً.
-كما قلت لك قبل قليل ، لم أتوقف عن الحلم يوماً، لكن في يومٍ من الأيام وتحديداً في ذلك الوقت الذي انتهت فيه واحدة من أكثر محاولاتي جرأة وموضوعية لفهم واستيعاب ظروف الحياة.
- نعم. ماذا حصل ؟
-كان تعب الإنتظار قد تمكن مني..فغفوت على صخرة الحقيقة ونجوت...وها أنا ذا أمامك.
- وهل حظيت أحلامك بنفس المصير ؟
- لا أعرف حقاً بماذا أجيبك، ما أشعر به الآن يجعلني تقريبا عاجزاً عن إيجاد أي تفسير، وعاجز أيضاً عن إقناع نفسي بأن كل شيء طبيعي بينما أرقب روحي وهي تتلاشى في نقطة مجهولة لا أستطيع إدراكها أو اللحاق بها!!
- هذا كلام لا يصدق !
- لقد كان لأحلامي وهج حضورها المميز ، ولا زلت أذكر ذلك جيداً، من لحظة انباثقها بهدوء وسلاسة في مخيلتي حتى تسقط في يقين قلبي كشلال هادر. لكن لا شيء الآن إلا هذا السكون الرهيب المقيم في أعماقي..
أصبحت يا صديقي كشجرة صبّار مهملة في صحراء قاحلة، تعد أيامها الزاحفة إليها دون ترقب أو لهفة تخفف عليها وطأة العزلة والإنتظار، مشغولة بحزنها عن كل ما قد يبعث فيها روح الحياة حتى لو كانت رغبة بافتعال جدال مع سحابة عابرة، أو مغازلة مع طيف سراب ممعن في العبث.
- عجيب أمرك يا صديقي خصوصاً أني لم أعهدك هكذا من قبل !
- صدقني أنا تلك الشجرة التي لو تأملتها ألف عام لن ترى في غزارة أشواكها وامتدادات فروعها الباهتة في الفراغ سوى آثار تعاقب الفصول وما تحفره بقسوة فينا من تبدلات وتغيرات.
- لكن لا يُفترض أن يحدث معك ذلك حتى في الخيال!
-أدرك أنك تشعر بالغرابة، وهذا أمر متوقع، لكن ما صدمني حقاً أن ذاك الذي ظل طول الوقت حبيسا في أعماقي ها هو يَصُول ويَجُول حولنا، مما يؤكد أن الحياة قد تخلت عني وتركتني، أشعر كأني شخص ميت يعيش في أحلامه.
- رجاءً توقف عن قول هذا الهراء... فقط انظر إلى وجهك المنعكس في عيني سترى إنساناً مفعماً بالحياة... وأنت أكثر من يعرف أن لك قلباً محارباً لا ترهبه الشدائد ولا تهزمه الخطوب.
-أنت محق! لقد كنت بالفعل أملأ فراغات حيرتي بالهذيان
-لا تبالغ في لوم نفسك فهذا حال تعساء الحظ أمثالك مع أحلامهم.
-كيف يكون حالهم؟
-تماماً كحالك أنت، قوم لا تفارقهم طبائع اليأس،ولو تأملتهم قليلاً لعرفت ما ينقصهم، ولأدركت ما غاب عن ذهنك بسبب اضطراب قلبك، ألا وهو فهم أعمق لطبيعة الحياة، والتحلّي بنظرة أكثر إنصافاً لواقعهم تجعلهم لا يستكثرون على أنفسهم فرحة الإستماع لنبضات أحلامهم سواء تحققت تلك الأحلام أو لم تتحقق بعد.
- لكن كيف تفسر سكون نفسي؟
-ببساطة يا صديقي طالما أنك لم تسعَ إلى حلمٍ جديد فهذا يعني أنه لم يعد لديك سوى ظلك رفيقاً لخطواتك المتعبة، فلا يوجد تصرف أكثر جنوناً وعبثية من سجن أنفسنا في دائرة حلم قديم في حين أن كل ما يجري في هذا الكون يحثّنا على أخذ موقعنا الجديد على خارطة الوعي!
- هذا هو النضج أليس كذلك؟
- إلى الحدّ الذي ينعش قلبك ويجدد روحك، نعم.
-ما أتعسني لولاك يا صديقي!
- لا شك في ذلك...

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...