الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

سيمفونية الشغف


بينما نتأمل عالمنا الذي يطفح الروتين والقهر من كافة امتدادات جدرانة الباردة؛ 
بحثاً عن زاوية نظر مناسبة، تمكننا من إدراك تراتبية الأشياء٠ 
هل هناك ما هو أكثر أهمية يا صديق الفكر من الإستمرار بعزف سيمفونية الشغف كتعويذة ضد طغيان الخوف وغشية اليقين وفوضى المعنى ؟ 
لنرجع كما ولدتنا الحقيقة، ورغم تآكل أجسادنا بحمى الرقص على جمر الوقت ، موئل انسانية برتبة وعي يتولى تدفق مجرى التجربة.
ثم التوغل أكثر على طريق الإنتظام في نسقها المنضبط ؛ ليتسنى للقلب الارتداد نحو وضوح رؤية عاطفية تقبل القسمة على محتوى معقول، تمكننا من فهم سبب عدم اتفاق الواقع مع ذاته في معظم تحالفاته وتضاداته المعقدة.
لست من هواة المبالغة، لكني مقتنعة بأن مع كل اشكالية نواجهها ثمة حل سحري قابل للأخذ والعطاء، ولا يحتاج منّا إلا القليل من التركيز حتى يستقر في نفوسنا ويصبح تلقائياً ... 
أي الوصول إلى حالة من التناغم الوجداني لا يخلو من طفرة ترجع في أصلها إلى شعور ديناميكي ومغامر ... 
هو ذاته الشغف الذي تفتحت فيه براعم ضمائرنا، وأكملت مدارات مِغْزَل الأناة خيوط نسيج حنكتها وحكمتها .
ذاك المتميز بقدرته على انتزاع مرارة التجربة، وإزالة آثار العابرين من على أسوار الذاكرة .. 
وحده من يتفقد الأنين في ظلمة الألم الشاحبة، ويتحسس بذكاء عاطفي مدهش مكمن الوجع غامراً إياه بفيض شلال عاطفة نوراني يتسلسل غير آبه بضبابية الزمان وانتكاسات الجسد؛ ليعادل شحناته القابعة في زاوية أرهقها تهافت الحيرة والشك والإنتظار، ويبث في جفون القلق الرخاوة والخمول. 
هل أثار انتباهك من قبل أن من يمتلكون صخباً وجدانياً في دواخلهم اسمه الشغف يبقون على نية انسانيتهم أقوياء ! 
ربما لأن مرونة أمنياتهم كأحلامهم البكر لا تنفكُّ تترقب هطول غيمة مدرجة في سجلات العطاء السماوية. 
ولم تزل خصالهم المحمودة تطلب البركة من مواكب المواسم حيث يكون للإستدارة معنى.
وتصبح النجاة من الوقوع فريسة لحسرة أو شماتة أو شفقة جاهل خبراً مؤكداً... 
إن أعظم محاسن الشغف تتمثل في قدرته الخارقة على إكمال كل نقص فينا، وفي كل شيء حولنا بما استحقته حواسنا من تنويعات الحياة. 
وكيف له أن لا يكون كذلك، وهو رديف الإرتباك المحير الذي يعصف بتلقائية الوعي عند التقائها بالجمال ! 
وللشغف أحوالٌ كثيرة منها : 
عدم الاكتراث بسرد المجاملات في حفلات الرياء والكذب.. 
والنأي بالكرامة عن جميع المظاهر المنبعثة من تلوث النشاط الإنساني في زحمة الاستعراضات الملأى بمهارات التسلق والإسقاط والإنكار ! 
هناك حيث تتساوى قيمة الأقنعة التعبيرية مع مشقة آلف عام من التحليل والإشتقاق؛ لإقناعنا بأن فضاءات التعبير باتت خالية من أثير شغفها، وعاجزة عن مسايرة قوى التفكيك من حولنا. 
وأن معظم قضايانا - نحن أهل الشغف - ليست إلا محض محمولات ذاتية متغيرة لموضوع جامد جمود النهايات.. 
نعم أيها الصادق في صداقته، ها أنت الآن تعيد طرح أسئلتنا الكبيرة حول من قام بسكب ماء الفكر في قوالب جنائزية ضيقة ومن حرض الظروف على التمادي بدلالها علينا. 
وقد كُتِبَ أن يكون لنا في كل شبرٍ وثانية وكلمة حكاية بنكهة تثير في قلوبنا شهية الحياة والمعرفة. 
وحضور تفسير خال من ثقل الإصرار، والتكرار، وتعب الترصد.
بالنسبة لي، وعلى سبيل التعافي والشفاء من داء انقطاع الإستمرارية بين محطات الاستدلال المختلفة، سأكتفي بمداواة أوجاع تساؤلاتنا المذكورة أعلاه بالشغف. 
 فنحن في الماضي لم نعش هذا الإكتفاء كما يجب، حين كنا نتجاوز بلا تفكير خطورة التحليق بأجنحة نمطية في عوالم ترى في التناقض أقوى نقطة مرجعية لها.
لكنه الشغف يا صديق الفكر ... 
جبل الإلهام والإبداع واللهفة.
الواضح بشكل كامل كأصل الفعل. 
 فإذا تراءى لقلبك في الأفق وحدة مصير ... 
فاعلم أنه يهتم لأمرنا... 
ويحتوينا كما نحب فيه تفهمه لشكوى يقيننا... 
حتى نجد في عينيه المنتصرتين كلّ شيءٍ مفقود في هذا العالم ...

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...