السبت، 9 يناير 2016

حوار الحرية أنا والآخر


أنا : يقولون: أنّه حتى تعيش حرًا يجب أن تضحي بسعادتك ؟
كيف يمكننا تصور شكل هذه الحرية التي ستغلق في وجوهنا أبواب السعادة ؟
-الآخر : في البدايةِ أولًا، يجب علينا أن نوضح مفهوم الحرية لكي ندرك دورها وعلاقتها بالسعادة.
-أنا: الحرية هي أن نتحلى بالإيجابية والشجاعة الكافية؛ لنكون مسؤولين عن أقوالنا وأفعالنا.
اعتمادًا على الوعي بكل ما يجوز لنا فعله وما لا يجوز...
أما السّعادة هي أن تكون حرًا في إطار عالم القيم والمبادئ التي تتخذها لنفسك دون إجبارٍ أو إكراه . 
- باختصار- أنا أرى أن الشخصية السعيدة هي التي تمكنت بفعل الإرادة من تحرير نفسها من أثقال الصدمات والخيبات والألام ...
-الآخر: بنظري السعادة، هي حالةِ التجارب التي نقدم عليها، دونما وضع حدودٍ ومتاريس على عقولنا وفكرنا، وعدم الاهتمام أو المبالغة في مشاعر القلق والتوتر لما هو قادم ، فالسعادة هي أن نعيش اللحظة دون أن نُحَمِّل أنفسنا هموم الغد وأعباء الماضي!!
أمَّا الحرية فهي القدرة على الاختيار والانطلاق بما يكفي للخروجِ من حالة الجمود والموت الذي يكتنف حياة الناس الذين ظنوا أنّ الحرية بابٌ محرَّم فتحه، أو الخوض فيه..
-أنا: قوانين الطبيعة ، الضوابط الأخلاقية والدينية والقانونية، الفكر المجتمعي السائد، السُلطة أيًّا كان نوعها وشَكلها، الظروف المحيطة بنا، العادات والتقاليد، طبيعة الجسد ورغباته كلها عوامل تحدّ من حرية الإنسان. 
لكن ألا تتفق معي أنّ من البديهي القول بأن الحرية المطلقة لا وجود لها فالإنسان كائن اجتماعي وهو يختلف عن باقي الكائنات بأنّه الوحيد القادر على تنظيم هياكل اجتماعية مع غيره من الأفراد باستخدام نظم التواصل والتعبير عن الذات وتبادل الأفكار والمفاهيم، وهذا يتطلب فرض ضوابط على الحريات الفردية كي لا يصل الأمر بالبشر في النهاية إلى عالم متصارع يضج بالخلافات والصدامات.
-الآخر: أتفق معك تمامًا بأن الهدف من وجود هذه الضوابط هو حماية الحقوق والحريات وتنظيمها بحيث لا تتعدى واحدة على الأخرى...
لكن أحب أن أضيف على ما قلته أنّ هذه الحدود والضوابط لتكون إنسانية، ومنطقية، وعادلة، يجب عليها أن لا تتعارض مع الغاية من وجود الحرية، والتي تتمثل باعطاء الحق لكل إنسان في التعبير عن ذاته، وتقديم اضافته ومساهمته النابعة من فكره الحرّ وشخصيته المميزة في بناء مجتمعه الذي هو جزء منه.
واذا أردنا أن نكون عادلين، فهذا يعني أنه لا يمكن لنا أن نصدر حكمًا أو وصفًا على أقوال وأفعال الآخرين دون أن تكون صادرة من إرادة حرّة..
ولاحظي معي أن الكثير من سلوكيات وتصرفات البشر قد تكون في الحقيقة عبارة عن ردود أفعال أو نتيجة وقوعهم تحت الضغط والتأثير، وهنا بالذات يظهر مدى فهم الإنسان لحريته وحرية الآخرين ..
-أنا : لكن عادة ما يصنع الناس تابوهاتٍ جامدة؛ تابوهات لا تستند على أمر فيه خير أو منفعة وللأسف نظن أنها دستور الحياة الذي لا يَجب أن ينتهك أو يكسَر!!
-الآخر : هذا الوهم بعينه .. 
والبعض كما قلتِ يخشى كَسر هذهِ التابوهات فتتحول هذه إلى قوانين مُلزمة تتوارثها الأجيال.
من رضي على نفسه ذلك؛ فهو يستحق أن لا يكون سعيدًا أو حرًا !
طالما كان الانسان مؤمنًا بذاته فلن يجعل لهذه التابوهات مكاناً في حياته... بل يجب عليه أن يفتح كلَّ الأبوابِ المغلقة؛ فالفكرة والنهج قد يبتدعه شخصٌ واحد ولن يشكل بالضرورة الرأي المخالف عائقا أمامه.
-أنا : كثيرون هم من وهبوا حياتهم وأعوامهم للحرية ... 
بحثًا أو دفاعًا عنها ... 
وبالتأكيد لم يكونوا غارقين في غفلتهم السعيدة عن مكوّن أصيل في ذواتهم "الحرية" بل كانوا أحرارًا بما فيه الكفاية لاتخاذ قرار المواجهة. 
ومن العدل والإنصاف أن نقول بأن نضالهم في سبيلها هو من أعطى للحرية المعنى الذي تستحقه كما هي الحرية بارعة أيضا في إضفاء قيمتها على كل شيءٍ في حياتنا.
-الآخر : أتعلمين أمرًا ؟ 
بابُ التخييرِ بين الحرية والسعادةِ غير منطقي وغير مطروح أساساً ، ولَيس لأحد على ذلك سلطة. فمن حريتي تأتي سعادتي .
-أنا: صحيح، ومن حريتك ستأتي حريتي وسعادتي أيضا.

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...