الثلاثاء، 21 مارس 2017

في مدرسة أمي...


صباح الخير أمي... 
صباح الحب الخالد يا سيدة الحنين.
يا نشيد كل يوم...  
وهذا اليوم الذي يحتفل فيه بكِ العالم ويزهر بعاطفتكِ التي أقسمت على نفسها  بأن تكون الرافد الحقيقي لنهر حب كوني .. 
ماذا أقول في حضرة عينيكِ هذا الصباح أمي؟ 
ماذا يقول من نسي رغم الأيام والتجارب أن يكبر؟
 فأنا على حالي ما زلت طفلتك المدلّلة العنيدة المشاكسة المحتاجة إلى سلام يديكِ الحانيتين لتمسح عن جبيني أشباح السنابل الفارغة وتعيذني بدفئها من تجاعيد الحزن الباردة. 
وما زلت أنتظر كأطفال الملاجئ ارتماء نجمتي الحارسة في ناحية هادئة، صافية  من سماوات قلبكِ..
ماذا أقول لأمي في يومها المبارك؟
بأي كلمة يبدأ بها الفاقدون المفقودون مثلنا صباحات أعيادهم؟
 هل أقول أن الغياب وهم الخائفين، كما هو الموت حُجّة كسالى الروح لتبرير غيابهم. 
هل أقول بأن أجمل الممكنات، وأكثرها صدقًا وسطوعًا على الإطلاق، أن تظلّ ملامحها الغالية محفوظة في مرآة القلب رغم الغياب..
فكيف إذًا لو ارتسم على هاته الملامح طيف ابتسامة تبدّد الحزن وتنفيه.
وفي ابتسامة الأم يتجلَّى جوهر الحضور، فلا تبصر فيها العين أيّا من عوارضه، ولا تنشغل النّفس ثانية بتبدُّلاتِ أحواله..
فمن تعلَّم الحب في مدرسة الأمومة، وارتوى من جداول أبجديات الحنان فيها، يعرف تمام المعرفة بأنّ ابتسامة الأم لا تغيب.
تبتسم أمّي في كلّ مرَّة أخطأ فيها الهمُّ طّريق قلب أحد إخوتي .
وتبتسم أيضًا كلما أحببت في ذاتي صفة كانت تتحلى بها، أو اكتشفت بعيون الناس ملْمَحًا لديَّ يشبهها.
وتطلّ من الغياب ابتسامتها إذا ما استمعت إلى أغنيتها المفضّلة، واشتعل بدل الدّمع في عينيّ، سراج صوتها الحنون في الذاكرة.
وتبتسم أكثر كلّما طال النّقاش وتباينت بيني وبين (رفيق روحي) نقاط الاختلاف حول المكان الأجدر بصورتها...   
حين يختار هو بعفوية متعمدة، المكان الأجمل والأقرب إلى قلبه، بحيث أستسلم أنا للصمت راضية، ومكتفية مع كل هذا الحب لها بدوام ابتسامة أمّي..
من قال أنّ ابتسامة الأمّ قد تغيب؟!
فكلّما تقدم "ضمير الدّنيا" خطوة في تصالحه وتعامله مع النّساء بطريقة أكثر لطفًا، وأعمق فهمًا، وأرقى حضارية.
رأيت أمي تبتسم....
وفي كلّ مرَّة انتصرت فيها الحكمة على ضجيج المعارك وغبائها وعاد الرّجال إلى أطفالهم سالمين.
أو كتب القدر السّلامة لأمٍ أنساها وجه وليدها ألم وخوف الولادة.
كنت أرى أمّي تبتسم.
وكلّما تتحققت نبوءة صبرٍ قالت فيها أمٌّ لأحبِّ النّاس على قلبها: " غيمة صيفٍ وستمرّ"
شعرت بأمي تبتسم..
في عيدك  قالوا وقلت عنكِ الكثير أمي ..
الكثير الكثير ولم نقل شيئاً..

عندما يكون الأمل ميلادًا

  أن يكون الإنسان قادرًا على التَّحكُّم بردود أفعاله، فيرسم مساره الخاص، مُتَّخِذًا منحى التّفكير الإيجابي، ومتجاوزًا كل ما يرهق النفس ولا ي...