على حافة العتمة/ حوار مع الضوء
في زمنٍ مُشْبَعٍ بالحيرة..
تتراكم فيه الاحتمالات بكثافتها المربكة،
على إيقاع أيامنا.
ولا تكفُّ بوصلة الحنين
عن تفقد اتجاهاتها ..
ومنطقٌ لا يقبل إعادة النظر.
لكن، هل هو حقًا كذلك؟
قدرٌ مفروض لا ينجو منه أحد؟
ولماذا حين نرفض الاستسلام له،
يحدق فينا ضجيج العالم باستهجان؟
كما لو أنَّ رؤية الضوء إثمٌ لا يغتفر
بحق عتمةٍ أُلزِمنا بالتآلف معها.
ولِمَ تبدو فعلًا،
أي محاولةٍ على سبيل النجاة،
مستفزةً إلى هذا الحد؟
بينما الجواب لا يكمن في مآلات الظنون،
أو توقٍ يتوارى خلف التوقعات،
ولا في تصوّرات التحقق التي نتعلق بها،
متوهمين أنها نهايات مؤكدة
إنما في مواصلة السير،
رغم ضبابية معالم الطريق.
وذلك، حين نصغي جيدًا لصوت الفهم الخالص،
على يقين، بأن التحرر من سطوة اليأس،
ليس مستحيلًا،
ولا هو ممكن في ذاته؛
وحدها الإرادة الواعية،
تدفعه من حيز الانتظار والتمني،
إلى فعلٍ حيّ وتجربةٍ حقيقية..
رغم ضبابية معالم الطريق.
وذلك، حين نصغي جيدًا لصوت الفهم الخالص،
على يقين، بأن التحرر من سطوة اليأس،
ليس مستحيلًا،
ولا هو ممكن في ذاته؛
وحدها الإرادة الواعية،
تدفعه من حيز الانتظار والتمني،
إلى فعلٍ حيّ وتجربةٍ حقيقية..
حقًا... لن يكون هناك ما يثنينا عن ذلك.
لأن صوتًا واثقًا من البدايات
لا يزال يصدح بأخبار الحقيقة في أعماقنا ...
إذ بقينا بمنأى عن عدوى القسوة
ولم نتخذ من مرارة الواقع ذريعةً
للتخلي عن جمالٍ أودعته العاطفة فينا..
وآثرنا أن تبقى لإنسانيتنا
نافذة حكمةٍ مطلةٍ على الألم ..
مدركين أن الجرح، في صمته البليغ،
يمكن أن يصير مساحةً جديدةً للوعي..
ولأن أرواحنا ظلت عصيةً على البلادة،
فما زلنا وسنبقى...
نحمل مشاعل الرفض في وجه الطباع المدجنة
التي لا تكلُّ عن محاولة طمس نقاء فطرتنا،
وتشويه أصالة تساؤلاتنا.
كما لم نغضَّ الطرف عن مخاوفنا..
بل اخترنا أن نُرمّم، مقابلها،
مساحاتِ الطمأنينة في قلوبنا
وأن نصونها بعزمٍ لا يلين.
فلا نُسَلّمها لتيارٍ عابث،
ولا نعرضها في مزادات الذوق المستعار.....
وأخيرًا...
لأن الزمن، رغم قسوته،
وإن بدا حليفًا للقوة،
فإنه لا ينحاز لعماها،
بل يخضعها لاختبار مظهرها العابر،
وينقِّب عن جوهرها،
ويقيمه بصبرٍ لا يقهر،
وبصيرة كاشفة لا تضلّ طريقها..
وسط حاضرٍ اختُطِفَت اتجاهاته
تحت وطأة واقع مفروض،
واحتُكرت أولوياته
بتسلِّط مفاهيمه المشوهة،
بدهاءٍ نفعيّ بارد؛
لخدمة مشيئة عالمٍ لا يكترث
إلا بتحصيل المكاسب؛
وفق معادلةٍ تعويضيةٍ لا إنسانية،
يصبح فيها كلٌّ من المال والقوة
معيارًا وحيدًا للاستحقاق والجدارة.
ومع ذلك...
يبقى في كلِّ انسان
رغبة كامنة تعينه على إعادة ترتيب
أبعاد عالمه الذي يحب،
بما يتسق مع أفكاره الأصيلة وقيمه الحقّة.
دافعٌ داخلي،
يستيقظ فيه، ويسترجع به نبض الثقة،
كلَّما باغته ظلام القنوط
الذي لا يفتأ يسعى
إلى تجريد الروح من نبض دهشتها،
وزرع اليأس كبديلٍ عن المعنى...
ذاك المعنى،
الذي لا يُمنح من الخارج،
بل يُستعاد من جوهر الذات.
تعليقات
إرسال تعليق